تعرفوا على دانا صلاح: أميرة البوب الفلاحي الفلسطينية

0 7

الموسيقى كأداة للنضال والهوية

الموسيقى تمنح الإنسان القدرة على الهروب من الواقع، كما تساعده على فهم الحياة بشكل أعمق. وعلى مدار التاريخ، لم تكن الموسيقى مجرد فن منفصل عن الواقع، بل كانت دائمًا جزءًا لا يتجزأ من تراث الشعوب وهويتها الثقافية، وأحد أهم أدوات المقاومة والنضال. في فلسطين، تُشكل الأغنية عنصرًا رئيسيًا في تعزيز الهوية الوطنية، وهو ما تسعى الفنانة دانا صلاح إلى ترسيخه من خلال فنها الذي يجمع بين الحداثة والتراث.

من هي دانا صلاح؟

وُلدت دانا صلاح ونشأت في العاصمة الأردنية عمّان، وبدأت تأليف الموسيقى في سن التاسعة. التحقت لاحقًا بجامعة ديوك في دورهام، كارولاينا الشمالية بالولايات المتحدة، حيث طورت موهبتها الموسيقية. بعد تخرجها، انتقلت إلى نيويورك، واتخذت اسمًا فنيًا جديدًا هو “كينغ ديكو”، حيث مزجت بين موسيقى البوب والإيندي بأسلوب عصري.

حققت أغنيتها المنفردة “Move That Body” نجاحًا كبيرًا، حيث تجاوزت 11 مليون استماع عبر سبوتيفاي، واحتلت المركز السادس في قوائم iTunes Dance بالولايات المتحدة، ما عزز مكانتها في المشهد الموسيقي المستقل.

في عام 2020، عادت دانا صلاح إلى الأردن، وبدأت تقديم أعمالها باسمها الحقيقي، حيث أصدرت أول أغنية عربية لها بعنوان “وينو”، التي حصدت أكثر من مليون مشاهدة خلال ثلاثة أشهر على يوتيوب، وتمت إضافتها إلى أكثر من 1000 قائمة تشغيل شخصية على سبوتيفاي.

دانا صلاح

ما هو البوب الفلاحي؟

توضح دانا صلاح في أحد لقاءاتها الصحفية أن البوب الفلاحي ينبثق من جذور الأرض. فالفلاح هو من يزرع ويحصد، وبالنسبة للفلسطينيين، فإن ارتباطهم العميق بأشجار الزيتون يجعل ثقافتهم وموسيقاهم متشابكة مع الأرض والزراعة.

يعتمد البوب الفلاحي على دمج الفولكلور العربي التقليدي مع الآلات الموسيقية الكلاسيكية والأصوات الغربية المعاصرة، ليُنتج مزيجًا فريدًا يعكس روح الشعب الفلسطيني وتاريخه العريق.

قصة “راجعين”: الأغنية التي جمعت أكثر من 25 فنانًا لدعم فلسطين

خلال الحرب على غزة، شاركت دانا صلاح في الأغنية الجماعية “راجعين”، التي ضمت أكثر من 25 فنانًا عربيًا، حيث كانت محاولة لتوحيد الصوت العربي في مواجهة الأزمات.

تقول دانا: “الجميع يشعرون بالعجز والصدمة مما يحدث في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية، ولا أحد يعلم كيف يمكن إيقاف هذه الحرب. لكن هناك شيء نفتقده بشدة كعرب، سواء في الموسيقى أو السياسة، وهو البقاء متماسكين في الأوقات الصعبة.”

وأضافت أن المشاركة في “راجعين” كانت مصدر فخر لها، وأنها منحتها الأمل في ظل هذا الواقع القاسي، حيث جمع المشروع أصواتًا مختلفة في رسالة تضامنية قوية مع فلسطين.

تحديات المرأة الفلسطينية في عالم الموسيقى

تتحدث دانا صلاح عن التحديات التي تواجهها كفنانة عربية، وتقول: “كوني امرأة غير متزوجة في الرابعة والثلاثين وأعمل في صناعة الموسيقى، فإن هذا الأمر يُعتبر مشكلة كبيرة بالنسبة لجدّاتي.”

تضيف دانا: “هناك الكثير من النساء العازبات الموهوبات اللاتي يشعرن أن الوقت قد فات، وأن الزواج يجب أن يكون خيارهن الأول. حتى عندما كنت في الثالثة والعشرين وأعيش في نيويورك، كنت أشعر بالخوف من الإفصاح عن عمري، لأن المجتمع يجعلكِ تشعرين بأن لديكِ تاريخ انتهاء صلاحية.”

ما هو مصدر إلهام دانا صلاح؟

نشأت دانا صلاح على الاستماع إلى أغاني أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ووردة برفقة جدتها، وهو ما أثر بشكل كبير على إحساسها الفني. ومنذ طفولتها، كانت تستمد إلهامها من التجارب العائلية والتراث العربي، إلى جانب تأثرها بأساليب غربية حديثة، مثل طريقة الكتابة عند ألانيس موريسيت والتناغم الموسيقي لـ فليتوود ماك.

التأثير الذي تسعى دانا لإحداثه عبر الموسيقى

تحلم دانا صلاح بأن تُحدث موسيقاها تأثيرًا يجعل الناس يشعرون بأنهم أقل وحدة، سواء كانوا نساءً عازبات، أو عربًا في الولايات المتحدة، أو سكان الشرق الأوسط، أو الفلسطينيين في الداخل والشتات. كما تأمل أن تُسهم أعمالها في جذب الجمهور الغربي لفهم التراث العربي والموسيقى الفلسطينية بشكل أعمق.

وترى أن الموسيقى قادرة على تحقيق ما فشلت فيه السياسة، حيث توحّد الشعوب عبر المشاعر المشتركة. كما تأمل أن تكون مصدر إلهام للفتيات الصغيرات، وتشجعهن على اختيار المسار الأفضل لهن بعيدًا عن القيود المجتمعية المفروضة عليهن.

مستقبل دانا صلاح الفني

رغم التحديات، تعمل دانا صلاح على تطوير فنها والبحث عن طرق جديدة لدمج الموسيقى العربية في المشهد العالمي، مع الحفاظ على الهوية الفلسطينية في كل نغمة وكلمة. من خلال البوب الفلاحي، تسعى لإعادة تقديم التراث العربي بطريقة عصرية، مما يساعد في نشر الثقافة الفلسطينية وإبرازها على الساحة الدولية.

تعليقات
Loading...