ماذا سيحدث إذا ذاب جليد القطبين؟ هل يشهد العالم نهايته؟
عند الحديث عن جليد القطبين، فنحن لا نقصد مجرد كتل من الثلج تغطي سطح الأرض، بل نتحدث عن أنظمة بيئية هائلة تلعب دورًا جوهريًا في تنظيم مناخ الأرض وحفظ توازنها الحراري. هذا الجليد يغطي مناطق شاسعة من القارة القطبية الجنوبية، وجرينلاند، وأجزاء من كندا، وروسيا، والنرويج.
ورغم أن ظاهرة ذوبان الجليد تحدث بشكل طبيعي في إطار ما يُعرف بعملية “الانفصال الجليدي”، إلا أن وتيرة الذوبان في السنوات الأخيرة تجاوزت بكثير معدل تكوّن الجليد الجديد، مما ينذر بعواقب وخيمة.
❄️ هل سيذوب الجليد فجأة؟ ومتى؟
يؤكد العلماء أن ذوبان الجليد القطبي الكامل لن يحدث بين ليلة وضحاها، بل هو عملية تستغرق قرونًا، إلا أن تفاقم الانبعاثات الحرارية وتغير المناخ قد يُسرّع من هذه الكارثة. ومع ذلك، فإن مجرد ذوبان جزئي قد يكون كافيًا لإحداث دمار هائل.

🌊 ارتفاع مستوى سطح البحر: غرق المدن والسواحل
تشير التقديرات إلى أنه في حال ذاب جليد جرينلاند بالكامل، سيرتفع منسوب سطح البحر عالميًا بنحو 7.4 أمتار. أما القارة القطبية الجنوبية، فإن ذوبانها قد يُضيف 58 مترًا إضافيًا، ليصل المجموع إلى 65.4 مترًا.
ومع أن هذا الارتفاع لن يتوزع بشكل متساوٍ بسبب اختلافات الجاذبية الأرضية، إلا أن النتائج ستكون كارثية:
- غرق معظم المدن الساحلية الكبرى، مثل: نيويورك، لندن، طوكيو، ومومباي.
- اختفاء دول بأكملها، خاصة الجزر الصغيرة في المحيط الهادئ مثل: المالديف وكيريباتي.
- تهجير عشرات الملايين من السكان، مما سيؤدي إلى أزمات لجوء مناخي غير مسبوقة.
💧 تسرب المياه المالحة: تدمير الزراعة من الجذور
من التأثيرات الخطيرة الأخرى، أن ارتفاع مستوى البحر يؤدي إلى تسرب المياه المالحة إلى الخزانات الجوفية في الأراضي الزراعية. هذا يعني:
- تلوث المياه العذبة الضرورية للشرب والري.
- تراجع الإنتاج الزراعي.
- تفاقم الأمن الغذائي في الدول المعتمدة على الزراعة والمياه الجوفية.
🌐 توقف “الناقل الحراري العالمي”: أوروبا تدخل عصرًا جليديًا؟
يعتمد نظام المناخ العالمي على ما يُعرف بـ الحزام الناقل الحراري العالمي (Thermohaline Circulation)، الذي ينقل الحرارة من خط الاستواء إلى القطبين عبر تيارات بحرية كبرى، أبرزها تيار الخليج الدافئ.
لكن مع ذوبان الجليد، تزداد نسبة المياه العذبة الباردة في شمال الأطلسي، ما يؤدي إلى تباطؤ التيارات وربما توقفها.
النتيجة؟
- أوروبا قد تشهد تبريدًا كبيرًا، يُشبه دخولًا في عصر جليدي مصغر.
- تغيرات مناخية جذرية في آسيا وأمريكا الشمالية.
- انهيار النظام البيئي البحري.
☢️ خطر جديد: تسرب المواد الكيميائية السامة
لا تقتصر الكارثة على المياه فحسب، بل إن الصفائح الجليدية تخزن بداخلها كميات هائلة من المواد الكيميائية السامة والنووية، التي أُلقيت خلال حقب الحروب الباردة.
مثال على ذلك:
- معسكر عسكري أمريكي يُعرف بـ”معسكر القرن” في شمال جرينلاند، دُفن تحت الجليد، ويحتوي على:
- مادة DDT الكيميائية السامة.
- نفايات مشعة.
- بقايا وقود نووي.
مع ذوبان الجليد، فإن هذه الملوثات قد تتسرب إلى المحيطات، مسببةً كوارث صحية وبيئية يصعب احتواؤها.
🕰️ دوران الأرض سيتأثر… واليوم قد يصبح أطول!
ما لا يعلمه كثيرون أن الصفائح الجليدية تقع بالقرب من محور دوران الأرض، وبالتالي فإن ذوبانها سيؤدي إلى إعادة توزيع الكتلة المائية باتجاه خط الاستواء، مما يُبطئ سرعة دوران الأرض.
وبحسب علماء الجيوفيزياء، قد يؤدي ذلك إلى:
- إطالة طول اليوم بمقدار 10 إلى 20 ثانية.
- تغيّر طفيف في محور الأرض، وهو ما قد يؤثر على توازن المناخ والجاذبية على المدى الطويل.
🧊 هل يمكننا تجنّب هذه الكارثة؟
الخبر الجيد أن الكارثة ليست حتمية بعد، ويمكن تفاديها من خلال:
- خفض الانبعاثات الكربونية وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
- دعم الاستثمارات في الطاقة المتجددة.
- تطبيق سياسات صارمة لحماية البيئة القطبية.
- رفع الوعي العالمي بخطورة الأزمة.
🔚 خلاصة: هل سينتهي العالم؟
ذوبان الجليد القطبي لن يؤدي إلى نهاية العالم بالمعنى الحرفي، لكنه قد يغيّر وجه العالم كما نعرفه.
من فيضانات المدن، واختفاء الدول الساحلية، إلى اختلال النظام المناخي وانتشار السموم الكيميائية، قد تكون العواقب مدمّرة…
لكن مع تحرك عالمي سريع وفعّال، لا يزال بإمكاننا إنقاذ ما يمكن إنقاذه.