صور بأسلوب “غيبلي” من إنتاج الذكاء الاصطناعي تجتاح الإنترنت وقلق متصاعد بشأن حقوق الملكية ومستقبل الفن

0 9

في خطوة جديدة تثير الإعجاب والجدل في آنٍ معًا، أطلقت شركة OpenAI المالكة لمنصة ChatGPT، تحديثًا نوعيًا على نظامها الذكي GPT-4.0، يتيح للمستخدمين إنشاء صور فنية عبر الذكاء الاصطناعي بأساليب متعددة، من أبرزها أسلوب “استوديو غيبلي” الشهير، ما أدى إلى موجة اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي خلال أيام معدودة.

أداة صور غيبلي: من مجرد تحديث إلى ظاهرة رقمية

في 25 مارس, أعلنت “أوبن إيه آي” عن إتاحة ميزة جديدة ضمن نموذج GPT-4.0، تمكّن المستخدمين من تحويل الصور إلى أنماط فنية مختلفة، تشمل التصوير الواقعي والرسم اليدوي والأنمي الياباني. ولم تمضِ ساعات قليلة حتى بدأت هذه الخاصية في الظهور تدريجيًا لمستخدمي ChatGPT، سواء من الفئة المجانية أو المشتركة في الخطط المدفوعة.

لكن النمط الأكثر رواجًا – والذي تحول إلى ترند عالمي – هو تحويل الصور الشخصية والحيوانية وحتى السياسية إلى رسومات مستوحاة من أسلوب “ستوديو غيبلي”، أحد أبرز استوديوهات إنتاج الرسوم المتحركة في اليابان، والذي عرف بأفلامه الساحرة المليئة بالتفاصيل العاطفية والرمزية.

من سام ألتمان إلى ماسك… صور الأنمي تغزو الشخصيات البارزة

كان سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”، من أوائل الذين شاركوا صورًا بأسلوب “غيبلي” بعد إطلاق الميزة، إذ نشر صورة شخصية مرسومة بأسلوب الأنمي على منصة X (تويتر سابقًا)، وعلّق قائلاً: “تستيقظ لتجد مئات الرسائل: لقد جعلناك تبدو كفتى أنمي في عالم غيبلي!”.

وأرفق صورة أخرى جمعته بمهندس الابتكار “غابرييل غوه” الذي أشرف على تطوير التقنية، مشيدًا بالجهد المبذول في هذه الأداة، ومشيرًا إلى أنها خرجت للنور خلال بث مباشر مع فريق التطوير.

من جانبه، لم يفوّت الملياردير إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لمنصة X، الفرصة للمشاركة في الترند، فنشر صورة ساخرة لنفسه مجسدًا شخصية “رافيكي” من فيلم “الأسد الملك”، وهو يرفع كلبًا صغيرًا وكأنه “الملك القادم لمملكة الإنترنت”، وعلق قائلاً: “صور غيبلي هي موضوع اليوم”.

كيف تُستخدم أداة تحويل الصور إلى أسلوب غيبلي؟

يستطيع المستخدم ببساطة الدخول إلى ChatGPT-4.0، ورفع صورة شخصية أو عامة، ثم كتابة العبارة التالية:

بالإنجليزية:

Convert this photo into a Ghibli-style anime image.

أو بالعربية:


“حوّل هذه الصورة إلى نمط أنيمي بأسلوب غيبلي.”

ليقوم النظام خلال لحظات بإنتاج صورة رقمية تعبّر عن نفس التفاصيل بأسلوب بصري شاعري يشبه لوحات القصص الخيالية.

تعريف استوديو غيبلي: من الحلم الياباني إلى ظاهرة عالمية

استوديو غيبلي (Studio Ghibli) هو أحد أعمدة صناعة الرسوم المتحركة في العالم، تأسس في طوكيو عام 1985 على يد المخرجين هاياو ميازاكي وإيزاو تاكاهاتا، إلى جانب المنتج توشيو سوزوكي.

وقد برز الاستوديو بإنتاج أعمال إنسانية عميقة، تهدف – كما صرّح ميازاكي – إلى بث الأمل والتفاؤل، وتقديم رسائل تدعو إلى التمسك بالحياة رغم صعوباتها.

حقق استوديو غيبلي نجاحًا عالميًا، حيث صنفت أربعة من أفلامه ضمن أعلى عشرة أفلام تحقيقًا للإيرادات في اليابان، كما فاز فيلم “المخطوفة” (Spirited Away) بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم رسوم متحركة عام 2003، وجائزة الدب الذهبي عام 2002.

ومؤخرًا، فاز فيلم من إنتاج الاستوديو بجائزة غولدن غلوب وأوسكار 2024 لأفضل فيلم رسوم متحركة.

من ترامب إلى ميسي: شخصيات بارزة بألوان غيبلي

توسّع استخدام هذه التقنية سريعًا ليشمل تحويل صور سياسية ورياضية وثقافية إلى نمط غيبلي الساحر. من أبرز الأمثلة:

صورة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في مشهد رمزي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي داخل البيت الأبيض.

إعادة تصور أحداث 11 سبتمبر بانطباع بصري درامي بأسلوب غيبلي.

صور فنية للاعب ليونيل ميسي أثناء رفعه كأس العالم في قطر 2022.

أعمال شهيرة مثل لوحة الموناليزا وفيلم العرّاب.

وقد علّق أحد المستخدمين على منصة X قائلاً: “هذا الأسلوب يمنح الصور روحًا ناعمة ومشاعر حنين كأنها من ذكريات خيالية… إنه شيء مدهش بصراحة”.

الجدل القانوني: هل الذكاء الاصطناعي يسرق الفن؟

رغم الحفاوة الواسعة، أثارت هذه الميزة جدلاً قانونيًا متصاعدًا حول حقوق الملكية الفكرية، حيث اتهم أكثر من 400 فنان عالمي – بينهم بن ستيلر وبول مكارتني – شركتي “أوبن إيه آي” و”جوجل” باستخدام أساليب فنية وبيانات بصرية دون إذن من المبدعين الأصليين.

وقد وصف أحد المستخدمين استخدام أسلوب غيبلي في الصور بأنه “سرقة غير أخلاقية”، مطالبًا بوقف هذه الممارسات التي “تشوّه الإبداع الحقيقي وتشكل خطرًا على الفن الأصيل”، وفق تعبيره.

وفي مواجهة هذا الجدل، أصدرت “أوبن إيه آي” بيانًا أكدت فيه التزامها بمراعاة الأطر الأخلاقية، وقالت: “نحن ندرك أن الناس سيستخدمون هذه الأدوات لإبداع محتوى جميل، وسنعمل على وضع ضوابط دقيقة تضمن الاستخدام المسؤول والعادل”.

خلاصة: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل الفن… ولكن إلى أين؟

بين الانبهار بالإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي في تحويل الصور إلى لوحات نابضة بالحياة، وبين القلق المشروع من تهديد حقوق الفنانين، تقف البشرية أمام مفترق طرق جديد في عالم الإبداع. فهل سيبقى الفن صناعة بشرية خالصة؟ أم أن خوارزميات الذكاء ستفرض رؤيتها الجمالية على الأجيال القادمة؟

تعليقات
Loading...