أثار تطبيق “Lark“، البديل الصيني المتطور لحزمة تطبيقات “مايكروسوفت“، موجة من الجدل والنقاش في الأوساط التقنية المصرية، عقب الإعلان عن طرحه في الأسواق المحلية كخيار موثوق، مجاني، وآمن مقارنة بالبرامج الأمريكية الشهيرة مثل “Microsoft Word” و”Microsoft Teams” وغيرها.
يُروَّج لتطبيق “لارك” كحل شامل للأعمال والتواصل، حيث يجمع بين أدوات تحرير النصوص، وإدارة الاجتماعات، والتخزين السحابي، ضمن منصة واحدة، ما يجعله منافسًا حقيقيًا لحلول “مايكروسوفت أوفيس” و”Google Workspace“.
صراع تقني عالمي بين الصين والولايات المتحدة
يرى المهندس أحمد عبد الفتاح، خبير تكنولوجيا المعلومات، أن دخول “لارك” إلى السوق العالمية والمصرية على وجه الخصوص، يأتي في سياق أوسع من التنافس الجيوسياسي والتقني بين الولايات المتحدة والصين، والذي تصاعد خلال السنوات الماضية، خصوصًا بعد فرض واشنطن قيودًا تجارية مشددة على الشركات الصينية الكبرى.
وأوضح عبد الفتاح في تصريحاته أن “لارك” ليس مجرد بديل تقني، بل هو أحد تجليات الحرب التكنولوجية المستعرة، التي تشمل أيضًا منافسة حادة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث ينافس التطبيق الصيني “ديب سيك” بقوة منصة “شات جي بي تي“.
لماذا يزداد إقبال المصريين على “لارك”؟
بحسب عبد الفتاح، فإن الإقبال المتزايد من المستخدمين المصريين على التطبيق الصيني يعود لسببين رئيسيين:
الأول يتمثل في ميل المستخدم المحلي إلى تنويع الخيارات، خاصة في ظل وجود بدائل مجانية توفر خدمات بجودة عالية.
أما السبب الثاني فهو ثقة المستهلك المصري في المنتجات الصينية التي أثبتت فعاليتها في مجالات متعددة، حيث يرى الكثيرون أن المنتجات الصينية تقدم توازنًا بين السعر والجودة.
مزايا تطبيق “لارك” مقارنة بمايكروسوفت
أدوات متكاملة وخدمات محسنة
ترى المهندسة أمل عبد الحليم طريف، المتخصصة في هندسة البرمجيات، أن “لارك” يمثل نقلة نوعية في سوق التطبيقات المكتبية والتعاونية، إذ يوفر جميع الأدوات الأساسية التي يعتمد عليها المستخدمون في “مايكروسوفت أوفيس” و”Google Docs“، ولكن بواجهة أكثر بساطة، وقدرات تخزينية مرنة.
وأكدت في حديثها أنها قامت بتجربة “لارك”، ووجدت أن أدواته سهلة الاستخدام، خاصة فيما يتعلق بتحرير المستندات، وتنظيم الفرق، ومشاركة الملفات، بالإضافة إلى جودة الاجتماعات الافتراضية التي تنافس تطبيق “مايكروسوفت تيمز”.
بدائل مبتكرة ضمن نفس المنصة
وأضافت طريف أن التطبيق يضم مكونات إضافية مثل “لارك بلاير”، الذي يُعد بديلًا مطورًا لـ”Windows Media Player“، ويتميز بقدرته على تحسين تجربة الصوت والصورة بفضل دمجه تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يجعله أكثر من مجرد مشغّل وسائط تقليدي.
مخاوف أمنية حول التطبيقات الصينية
من جهة أخرى، يحذر المهندس محسن بدر الدين، المتخصص في لغات البرمجة، من التسرع في الاعتماد الكامل على “لارك” دون التحقق من عناصر الأمان السيبراني التي يوفرها.
وأوضح بدر الدين أن بعض التطبيقات الصينية تواجه اتهامات دولية متكررة تتعلق بجمع البيانات والتجسس الرقمي، ما يجعل الحذر ضرورة عند إدخال بيانات حساسة في هذه المنصات.
وأشار إلى أنه لا بد من التأكد بنسبة 100% من حماية الخصوصية قبل استخدام تطبيقات “لارك” في إدارة الأعمال أو تخزين المعلومات الشخصية أو المالية.
هل “لارك” بديل حقيقي أم تجربة مؤقتة؟
رغم ما يتمتع به “لارك” من إمكانيات تقنية ومجانية قوية، إلا أن مسألة تحوله إلى بديل حقيقي ومستدام لتطبيقات “مايكروسوفت” في السوق المصرية والعالمية، ستظل مرهونة بمدى قدرته على تقديم تجربة استخدام مستقرة، آمنة، وذات دعم فني فعّال.
حتى الآن، تبدو المؤشرات واعدة، خاصة في ظل اهتمام متزايد من المستخدمين بالبحث عن حلول بديلة تواكب التطورات التقنية وتلبي احتياجاتهم المتنوعة، في وقت يشهد العالم تحولات سريعة في ميزان القوى الرقمية بين الشرق والغرب.