شركة “ميتا” تواجه لحظة الحقيقة أمام القضاء الأميركي احتكار أم منافسة؟

0 11

محاكمة غير مسبوقة قد تعيد تشكيل مستقبل عمالقة التكنولوجيا

بدأت في العاصمة الأميركية واشنطن، يوم الاثنين، جلسات المحاكمة الفيدرالية التي تواجه فيها شركة ميتا – المالكة لمنصات فيسبوك، إنستجرام وواتساباتهامات رسمية بممارسة الاحتكار والإضرار بالمنافسة العادلة في سوق وسائل التواصل الاجتماعي.

وتأتي هذه المحاكمة التي تُعد من أبرز القضايا القانونية في تاريخ شركات التكنولوجيا الكبرى، ضمن جهود لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية (FTC) الرامية إلى تفكيك ما تعتبره “نظام احتكار ممنهج” يقوّض حرية السوق ويمنع صعود المنافسين الصغار.

الاتهامات: شراء المنافسين لإقصائهم من السوق

تشير دعوى لجنة التجارة إلى أن شركة “ميتا” استخدمت موقعها المهيمن للاستحواذ على منصات منافسة مثل إنستغرام عام 2012 مقابل مليار دولار، وواتساب عام 2014 بقيمة تجاوزت 22 مليار دولار، بهدف “وأد التهديدات التنافسية في مهدها” بدلًا من تطوير بدائل داخلية.

وترى اللجنة أن هذه الصفقات لم تكن صفقات توسّع شرعي، بل “محاولات استراتيجية لقمع الابتكار وتعزيز السيطرة”، وتطالب المحكمة بإجبار ميتا على تفكيك استحواذها على إنستجرام وواتساب، وهو ما من شأنه أن يغير وجه الصناعة الرقمية بأكملها.

ميتا تدافع: المنافسة قائمة و”تيك توك” مثال حي

في المقابل، رفضت شركة ميتا الاتهامات ووصفتها بأنها “غير واقعية في ظل بيئة التكنولوجيا الحالية”، مشيرة إلى أن السوق يشهد منافسة محتدمة مع منصات مثل تيك توك، سناب شات ويوتيوب، مؤكدة أن المستخدمين لديهم خيارات متعددة، مما ينفي وجود احتكار فعلي.

كما أكدت الشركة أن استحواذها على إنستجرام وواتساب تم بموافقة الجهات الرقابية آنذاك، ومن غير المنطقي أن يُعاد تقييم هذه الصفقات بعد مرور سنوات على تنفيذها بنجاح.

جلسات مغلقة وشهادات مرتقبة لزوكربيرغ وسيستروم

من المرتقب أن يدلي كل من مارك زوكربيرج، مؤسس ومدير شركة ميتا، وكيفن سيستروم، الشريك المؤسس لإنستغرام، بشهادتيهما أمام المحكمة خلال الأسابيع المقبلة. وأشار القاضي الفيدرالي جيمس بواسبرغ إلى إمكانية عقد جلسات مغلقة لحماية المعلومات الحساسة والأسرار التجارية التي قد تُطرح أثناء المحاكمة.

وتم تحديد جدول مبدئي للمرافعات حتى أوائل يوليو المقبل، إلا أن القضية قد تمتد لعدة سنوات نتيجة تعقيدها وإمكانية الاستئناف القانوني من الطرفين في حال صدور حكم غير مرضٍ.

تداعيات القضية: اختبار حقيقي لتنظيم عمل شركات التكنولوجيا الكبرى

تُعد هذه المحاكمة اختبارًا حقيقيًا لنفوذ الجهات الرقابية الأميركية في مواجهة التكتلات التكنولوجية العملاقة، وقد تؤسس لسابقة قانونية يمكن أن تطال شركات كبرى مثل أمازون، جوجل، وآبل، حيث تواجه جميعها اتهامات مشابهة تتعلق بالسيطرة على الأسواق وتقييد حرية الابتكار.

ويؤكد خبراء أن الحكم النهائي في هذه القضية قد يعيد تشكيل خريطة الاقتصاد الرقمي العالمي، ويحد من قدرة الشركات الكبرى على شراء منافسيها الصاعدين، مما يفتح المجال لمزيد من التنوع والابتكار في عالم الإنترنت.

كيف تغيّر إنستغرام وواتساب من ميزان القوة في السوق؟

منذ استحواذها عليهما، تحوّلت منصتا إنستجرام وواتساب إلى حجر أساس في استراتيجية “ميتا”، حيث يشكلان الآن جزءًا كبيرًا من إيرادات الشركة، لا سيما إنستجرام الذي أصبح منصة رائدة للإعلانات الرقمية والمحتوى المرئي، وجذب شريحة الشباب والمراهقين.

وقد ساعد دمج البيانات والبنية التحتية بين هذه التطبيقات في تعزيز قبضة ميتا على سلوك المستخدمين وتفضيلاتهم، ما يمنحها ميزة تنافسية يصعب مجاراتها من قبل الشركات الناشئة.

تعليقات
Loading...