تراجع حاد في مبيعات “تسلا” بأوروبا خلال أبريل: منافسة صينية ومواقف سياسية مثيرة للجدل تهز عرش ماسك

0 9

مبيعات “تسلا” تنهار في أسواق أوروبية رئيسية وسط تغيرات في توجهات المستهلكين

شهدت شركة “تسلا” الأميركية، الرائدة في مجال السيارات الكهربائية والمملوكة للملياردير إيلون ماسك، تراجعًا غير مسبوق في مبيعاتها بعدد من الأسواق الأوروبية خلال شهر أبريل 2025، في مشهد يعكس تغيرًا كبيرًا في ديناميكيات السوق وتبدلًا في أولويات المستهلك الأوروبي.

هذا التراجع اللافت يأتي في ظل احتدام المنافسة من الشركات الصينية الصاعدة، وتزايد حدة الانتقادات السياسية والشعبية الموجهة نحو توجهات مالك الشركة، ما شكل ضغوطًا متنامية على مكانة تسلا في قارة باتت أكثر انفتاحًا على الخيارات البديلة والأرخص.

أرقام صادمة: انهيار نسبي في السويد والدنمارك وفرنسا

وفقًا لبيانات وطنية صادرة اليوم الجمعة، هبطت مبيعات سيارات “تسلا” الجديدة في السويد بنسبة 80.7% خلال أبريل، وهو انخفاض حاد يعكس اتساع الفجوة بين أداء الشركة وتوقعات السوق. وقبل ذلك بيوم واحد، سُجل تراجع بنسبة 67.2% في الدنمارك، بينما لم يكن الوضع في فرنسا أفضل حالًا، حيث انخفضت المبيعات بنسبة 59.4%، لتصبح هذه الأرقام امتدادًا لشهر رابع متتالٍ من الانكماش.

ويُعد هذا التراجع تأكيدًا على الاتجاه السلبي الذي يطغى على مبيعات “تسلا” منذ بداية العام، حيث كانت الشركة قد شهدت انخفاضًا بمقدار 28.2% في مجمل السوق الأوروبية خلال مارس، وهو ما يعكس تآكل الحصة السوقية أمام المنافسين، خصوصًا في قطاع السيارات الكهربائية المتسارع.

منافسة صينية شرسة بأسعار جذابة وتكنولوجيا متطورة

من أبرز العوامل التي تفسر هذا التراجع الحاد هو الصعود القوي لشركات تصنيع السيارات الكهربائية الصينية، والتي باتت تطرح نماذج حديثة بأسعار تنافسية جذبت شريحة واسعة من المستهلكين الأوروبيين، لاسيما في ظل الضغوط الاقتصادية وتزايد وعي المستهلك بأهمية التوازن بين السعر والجودة.

ومن بين أبرز هذه الشركات نذكر “BYD” و”MG” و”XPeng“، التي عززت وجودها في السوق الأوروبية عبر نماذج متميزة من حيث الكفاءة والاعتمادية، مع تقديم أسعار تقل عن تلك التي تطلبها “تسلا”، ما جعل الأخيرة تفقد الكثير من زخمها وفرادتها التكنولوجية التي كانت تميزها سابقًا.

إيلون ماسك تحت المجهر: مواقف سياسية تثير الجدل

لم تكن التحديات التنافسية وحدها ما أثقل كاهل “تسلا”، فقد لعبت المواقف السياسية المثيرة للجدل لمالك الشركة دورًا في تراجع جاذبيتها، خاصة في أوروبا التي تعلي من شأن القيم الليبرالية والديمقراطية. إذ أقدم ماسك مؤخرًا على التعبير عن دعمه لتيارات اليمين المتطرف في عدد من الدول الأوروبية، وهو ما أثار موجة من الاستياء والاحتجاجات، ليس فقط ضد شخصه، بل وضد منتجاته وشركته.

وقد ترجمت هذه المواقف إلى أعمال تخريب استهدفت صالات عرض ومحطات شحن “تسلا” في بعض الدول الأوروبية، بل وحتى داخل الولايات المتحدة نفسها، حيث عبّر المحتجون عن رفضهم لتحويل شركة تكنولوجية واعدة إلى منصة تعكس توجهات سياسية متطرفة.

تداعيات أوسع: هل تفقد “تسلا” زخمها الأوروبي؟

تشير التحليلات إلى أن ما تواجهه “تسلا” حاليًا في أوروبا قد لا يكون مجرد تراجع مؤقت، بل تحول استراتيجي في توجهات السوق، حيث تتجه السياسات الأوروبية نحو دعم المنتجات المحلية والأكثر التزامًا بالمعايير البيئية والاجتماعية. وتواجه “تسلا” في هذا السياق تحديات في المحافظة على سمعتها كشركة رائدة في الابتكار البيئي، وسط اتهامات تتعلق بالظروف العمالية، وتأثير سياسات ماسك الشخصية على صورتها العامة.

ومن المرجح أن تُعلن دول أوروبية أخرى مثل إيطاليا والنرويج عن بيانات مشابهة في وقت لاحق من اليوم، ما قد يعمّق من حجم التراجع الإجمالي لمبيعات “تسلا” في القارة خلال شهر أبريل.

تحديات قادمة واستراتيجيات محتملة للخروج من الأزمة

أمام هذا الواقع الجديد، ستكون “تسلا” مضطرة إلى إعادة تقييم استراتيجياتها التسويقية، وسياستها التسعيرية، وربما الأهم، موقف رئيسها التنفيذي من القضايا السياسية الحساسة، إذا أرادت استعادة ثقة المستهلك الأوروبي.

قد يشمل ذلك توسيع شبكة التصنيع داخل أوروبا لطمأنة المستهلك حول الاعتمادية والجودة، أو خفض أسعار النماذج الأحدث لمجاراة العروض الصينية، بالإضافة إلى تحسين العلاقة مع الحكومات الأوروبية وتعزيز الشفافية حول سياسات الشركة الأخلاقية والبيئية.

لحظة حاسمة في مسيرة تسلا الأوروبية

في ظل هذه التطورات، يبدو أن “تسلا” تمر بلحظة حاسمة في مسيرتها داخل السوق الأوروبية، فإما أن تتدارك الخسائر وتعيد رسم استراتيجيتها للتكيف مع بيئة جديدة، أو تستمر في فقدان زخمها لصالح منافسين أكثر مرونة ومواءمة للتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية. أوروبا، كما يبدو، لم تعد سوقًا مضمونة لأي شركة، مهما كان حجمها أو شهرتها، ما لم تواكب نبض الشارع وتلتزم بقيم الشفافية والتقدم الحقيقي.

تعليقات
Loading...