أزمة “Prime Day”.. هل تفقد أمازون أحد أهم أسلحتها التسويقية؟
موسم الخصومات مهدد.. و”أمازون” في موقف صعب
في خضم تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، يبدو أن واحدة من أكثر الفعاليات التجارية انتظارًا على مستوى العالم، “Prime Day” الخاصة بأمازون، باتت مهددة بفقدان بريقها هذا العام. فمع تزايد الضغط الناتج عن الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، يتجه العديد من البائعين إلى الامتناع عن تقديم الخصومات المعتادة خلال هذا الحدث، في خطوة تعكس حجم التحديات التي تواجه عملاق التجارة الإلكترونية الأميركي.
البائعون يعيدون النظر: حماية الهوامش على حساب المشاركة
عادةً ما يُنظر إلى “Prime Day” كفرصة ذهبية للبائعين لزيادة حجم مبيعاتهم، خصوصًا أولئك الذين يعتمدون على المنتجات المستوردة من الصين ذات التكلفة المنخفضة. لكن هذا العام، اتخذ العديد من البائعين المستقلين قرارات حاسمة بتقليص مشاركتهم أو الانسحاب الكامل من الحدث، وذلك في محاولة لحماية هوامش أرباحهم التي باتت مهددة بفعل التعريفات الجمركية الجديدة المفروضة على الواردات الصينية.
وأكدت كيم كاوغيرل، الرئيسة التنفيذية لشركة “Bogg Bag” المتخصصة في حقائب اليد المصنّعة في الصين، أن شركتها لن تشارك في “Prime Day” هذا العام. وبررت قرارها بالرغبة في الحفاظ على مخزونها من المنتجات التي لم تُبع، مع خطط لبيعها لاحقًا في متاجر تجزئة مثل “Macy’s” و”Bloomingdale’s”.

الحرب التجارية تضرب سلاسل التوريد والبائعين الأميركيين
القرار الذي اتخذته شركات مثل “Bogg Bag” ليس معزولًا، بل يعكس تأثيرًا أوسع للحرب التجارية المتصاعدة، والتي أصبحت تهدد استقرار سلاسل التوريد العالمية، خاصة في قطاع التجارة الإلكترونية. وتفرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية جديدة على العديد من السلع الصينية، الأمر الذي يُضعف القدرة التنافسية للبائعين الذين يعتمدون على الواردات منخفضة التكلفة من الصين.
هذا التطور يضع أمازون في موقف حرج، إذ تعتمد في جزء كبير من مبيعاتها على البائعين من الطرف الثالث، الذين يشكلون العمود الفقري لنمو الشركة وتنوع منتجاتها، وقد شكلت منتجاتهم 62% من إجمالي الوحدات المباعة في الربع الرابع من عام 2024، وفقًا لتقرير صادر عن “Marketplace Pulse”.
UPS تدق ناقوس الخطر: تراجع متوقع في حجم الشحنات من أمازون
في مؤشر مقلق آخر، حذر المدير المالي لشركة UPS من أن الشركة تتوقع انخفاضًا بنسبة 50% في حجم شحنات أمازون بحلول منتصف عام 2026، وذلك نتيجة للتغيرات في سياسات التعريفات الجمركية وتباطؤ مشاركة البائعين في الأحداث الكبرى مثل “Prime Day”. وإذا تحقق هذا التراجع، فسيكون بمثابة ضربة مزدوجة لكل من أمازون وشركائها في الخدمات اللوجستية.
لماذا يعتبر “Prime Day” بهذه الأهمية لأمازون؟
بالنسبة لأمازون، لا يُعد “Prime Day” مجرد حدث تسويقي عابر، بل هو ركيزة أساسية في استراتيجيتها السنوية لزيادة الإيرادات وتعزيز ولاء العملاء. ويأتي بعد حدثي “Black Friday” و”Cyber Monday” من حيث الأهمية، لكنه يتميز عنهما بأنه خاص بأعضاء خدمة “Prime” المدفوعة، مما يمنحه طابعًا حصريًا.
وقد أنفقت الشركة خلال السنوات الماضية ملايين الدولارات في الحملات الإعلانية والترويجية المرتبطة بهذا الحدث، الذي يهدف ليس فقط إلى رفع المبيعات، بل أيضًا إلى زيادة الاشتراكات في خدمة “Prime“، التي تضم أكثر من 200 مليون مشترك حول العالم، وتُعد مصدر دخل ثابت بفضل اشتراك شهري يبلغ 15 دولارًا أو سنوي يبلغ 139 دولارًا في الولايات المتحدة.
كيف تربح أمازون من “Prime Day”؟
بعيدًا عن المبيعات المباشرة، تحقق أمازون أرباحًا ضخمة من خلال الرسوم التي تفرضها على البائعين المشاركين. إذ تتقاضى الشركة عمولة تصل إلى 15% على كل وحدة تُباع خلال الحدث، بالإضافة إلى رسوم الإعلانات المرتبطة بالصفقات والعروض.
ويضطر العديد من البائعين إلى دفع نحو 1000 دولار فقط ليظهروا ضمن فئة “أفضل صفقة” داخل صفحات أمازون، وهي ميزة تسويقية تعزز فرص البيع لكنها أصبحت عبئًا على العديد من البائعين في ظل ارتفاع تكاليف الشحن والتعريفات الجمركية.
نظرة تحليلية: هل يفقد “Prime Day” بريقه؟
تُظهر هذه التطورات أن “Prime Day” قد يواجه أول اختبار حقيقي لمرونته ومكانته في سوق التجارة الإلكترونية العالمي. فمع تقلص المشاركة وتزايد الضغوط الاقتصادية، قد لا يكون الحدث بنفس الزخم الذي اعتاده المتسوقون في السنوات الماضية.
إذا استمرت الحرب التجارية الحالية دون حلول قريبة، فإن تأثيرها لن يقتصر فقط على أمازون، بل سيمتد إلى كامل منظومة التجارة الإلكترونية الأميركية، ويهدد قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على المنافسة والبقاء.
مستقبل “Prime Day” بين تحديات الواقع وتوقعات السوق
بينما تستعد أمازون لإطلاق حملتها السنوية الكبرى، تواجه في الوقت ذاته واقعًا متغيرًا، تعيد فيه الشركات تقييم استراتيجياتها وسط عالم مضطرب تجاريًا وجيوسياسيًا. “Prime Day”، الذي لطالما كان رمزًا للخصومات والصفقات الكبيرة، قد يتحول تدريجيًا إلى ساحة اختبار لقدرة أمازون على التكيّف مع الواقع الجديد.
في نهاية المطاف، ستتوقف قدرة أمازون على الحفاظ على زخم الحدث على مدى استجابتها لمتغيرات السوق، ودعمها للبائعين، وإيجاد حلول مبتكرة لخفض تكاليفهم في ظل الأزمات العالمية المتصاعدة.