اتفاق تاريخي بين مصر وشركة “سايك موتور” الصينية لتصنيع سيارات “إم جي” محليًا

0 8

في خطوة جديدة لتعزيز قطاع الصناعة وزيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي، وقعت الحكومة المصرية اتفاقًا استراتيجيًا مع شركة “سايك موتور” الصينية لإنشاء مصنع لتجميع وتصنيع سيارات “إم جي” داخل الأراضي المصرية، باستثمارات تُقدَّر بـ135 مليون دولار.

شهد هذا التوقيع الرسمي مشاركة عدد من كبار المسؤولين المصريين، وعلى رأسهم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، الذي أكد خلال المناسبة أن هذه الشراكة تأتي في إطار خطة الدولة لتحفيز قطاع الصناعة وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة في قطاع السيارات الذي يُعد أحد ركائز الاقتصاد الصناعي الحديث.


استثمار ضخم… وشراكة مصرية-صينية استراتيجية

بموجب الاتفاق، ستتعاون شركة “سايك موتور” الصينية العملاقة، التي تمتلك العلامة التجارية “MG“، مع مجموعة المنصور للسيارات، الشريك المحلي الرئيسي في المشروع. وتم التوقيع على اتفاقية ترخيص فني حصري تسمح للمنصور بإنتاج سيارات “إم جي” داخل مصر، مع التزام تقني مباشر من الجانب الصيني لضمان الجودة والمواصفات العالمية.

كما تم توقيع عقد تخصيص مساحة أرض صناعية بنظام حق الانتفاع في مدينة أكتوبر الجديدة، بين وزارة النقل – ممثلة في الهيئة العامة للموانئ البرية والجافة – ومجموعة المنصور، لتكون مقرًا لإنشاء المصنع الجديد.


مرحلة أولى واعدة: إنتاج 50 ألف سيارة سنويًا

وفقًا للبيان الصادر عن مجلس الوزراء المصري، فإن المشروع يخطط لبدء الإنتاج في الربع الثاني من عام 2026، بطاقة إنتاجية تصل إلى 50 ألف وحدة سنويًا في المرحلة الأولى. وسيتم توسيع هذا الرقم تدريجيًا ليصل إلى 100 ألف سيارة سنويًا في المرحلة الثانية، ما يشير إلى توجه جاد نحو تحقيق اكتفاء ذاتي جزئي في سوق السيارات المصري، وربما التصدير لاحقًا إلى الأسواق الإقليمية.

من الجدير بالذكر أن المشروع يستهدف الوصول إلى نسبة مكوّن محلي تتجاوز 45%، وهي نقطة بالغة الأهمية ضمن استراتيجية الدولة لتوطين الصناعات ذات القيمة المضافة، وتحقيق نقل حقيقي للتكنولوجيا.


“إم جي” تدخل المنافسة المحلية مع نيسان وهيونداي

هذه الخطوة تأتي في وقت تسعى فيه مصر لتوسيع قاعدتها الصناعية في قطاع السيارات، خاصة بعد ما شهده السوق المصري مؤخرًا من طرح نماذج مجمعة محليًا لعلامات تجارية كبرى مثل نيسان وهيونداي، إلى جانب خطط مستقبلية لإطلاق سيارات من علامات أخرى مثل “بروتون” الماليزية وعودة شركة النصر للسيارات التاريخية للعمل من جديد.

ويعد دخول علامة “إم جي” إلى ساحة التصنيع المحلي منافسًا قويًا لعلامات أخرى، خصوصًا أن سيارات “إم جي” تحظى بشعبية واسعة في السوق المصرية نظرًا لمواصفاتها المتطورة وسعرها التنافسي.


البُعد الاقتصادي والتنموي للاتفاق

لا تقتصر أهمية الاتفاق على الجوانب التجارية فحسب، بل يمتد أثره إلى دعم الاقتصاد المصري من نواحٍ عدة، أبرزها:

  • توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة في القطاعات الصناعية والمساندة.
  • نقل التكنولوجيا من الشركات العالمية إلى السوق المحلية.
  • تخفيف الاعتماد على الاستيراد، مما يساهم في تقليل الضغط على العملة الصعبة.
  • تحفيز الصناعات المغذية المرتبطة بإنتاج السيارات، مثل مكونات المحركات، الإلكترونيات، والمقاعد.

وهو ما يصبّ في النهاية ضمن الرؤية الحكومية طويلة المدى لتعزيز الصناعة المحلية، وتحقيق نهضة حقيقية في أحد أكثر القطاعات طلبًا في المستقبل.


دعم حكومي متواصل لتعميق التصنيع المحلي

شهد قطاع السيارات المصري خلال الأعوام الأخيرة اهتمامًا متزايدًا من الجهات الحكومية، حيث تم إطلاق استراتيجية توطين صناعة السيارات، بما فيها السيارات الكهربائية، وتقديم حوافز ضريبية وجمركية للمستثمرين، إضافة إلى تسهيل تخصيص الأراضي الصناعية وتقديم دعم مالي وفني للمشروعات الجديدة.

كما يجري العمل حاليًا على منظومة متكاملة لدعم السيارات الكهربائية، تشمل محطات الشحن والبنية التحتية، في إطار التوجه نحو تقليل الانبعاثات وتحقيق التنمية المستدامة.


مصر على خريطة الإنتاج العالمي للسيارات

يُعد توقيع هذا الاتفاق مع “سايك موتور” خطوة عملية تؤكد على سعي مصر للدخول بقوة في صناعة السيارات العالمية، خصوصًا في ظل التحولات التي يشهدها هذا القطاع على مستوى العالم، مثل الانتقال إلى المركبات الكهربائية والذكية.

ومع امتلاك مصر لمزايا تنافسية قوية تشمل الموقع الجغرافي، وتوافر الأيدي العاملة، وتنامي البنية التحتية الصناعية، فإنها مرشحة لأن تصبح مركزًا إقليميًا لتصنيع السيارات وتصديرها إلى إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط.


رسالة واضحة للمستثمرين العالميين

يرى خبراء الصناعة أن هذا الاتفاق يُعد بمثابة رسالة ثقة قوية من السوق المصرية إلى المستثمرين العالميين، مفادها أن مصر مستعدة لاستقبال استثمارات ضخمة في القطاعات الاستراتيجية، مع توفير البيئة التشريعية والتنفيذية اللازمة لنجاح هذه المشروعات.

كما يعكس هذا الاتفاق رغبة صينية حقيقية في التوسع داخل إفريقيا من بوابة مصر، التي تُعد واحدة من أبرز الاقتصادات الناشئة في المنطقة.


خلاصة: تحوّل نوعي في صناعة السيارات بمصر

الاتفاق بين مصر وشركة “سايك موتور” الصينية ليس مجرد مشروع صناعي، بل يمثل تحولًا نوعيًا في مستقبل صناعة السيارات المصرية، وانتقالًا من مرحلة التجميع المحدود إلى التصنيع الشامل، بما يضمن خلق قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني، وتحقيق طموحات المواطن المصري في الحصول على سيارات حديثة مصنعة بأيادٍ محلية.

بهذا التوجه، تؤكد مصر أنها تضع الصناعة في قلب استراتيجيتها للتنمية المستدامة، وأنها تسعى بجدية لامتلاك أدوات المستقبل الصناعي بكل ما يتطلبه من استثمارات، شراكات، وتكنولوجيا.

تعليقات
Loading...