ما معني ان يفوز دونالد ترامب بالإنتخابات الأمريكية بالنسبة لأوكرانيا والشرق الأوسط والصين؟

0 26

من المتوقع أن تؤدي عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض إلى إعادة تشكيل السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وهو ما قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية محتملة على جبهات عدة في ظل الحروب وحالة عدم الاستقرار في أجزاء من العالم.

وخلال حملته الانتخابية، قدم دونالد ترامب تعهدات سياسية واسعة النطاق، لكن غالباً ما كانت تنقصها تفاصيل محددة، استناداً إلى مبادئ عدم التدخل وحماية التجارة – أو كما يصفها “أمريكا أولاً”.

ويشير فوز دونالد ترامب إلى واحد من أهم الاضطرابات الكبيرة المحتملة منذ سنوات عديدة في نهج واشنطن تجاه الشؤون الخارجية، وسط الأزمات الحالية.

ويمكننا أن نفهم بعض ملامح نهج ترامب المحتمل في مختلف المجالات من خلال تصريحاته خلال حملته الانتخابية وسجله عندما كان رئيسا من 2017 إلى 2021.

روسيا وأكرانيا وحلف الناتو

خلال حملته الانتخابية، قال دونالد ترامب مراراً إنه يستيطع إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا “خلال يوم واحد”.

وعندما سُئل عن كيفية تحقيق ذلك، اقترح الإشراف على صفقة، لكنه رفض تقديم تفاصيل.

وكتب اثنان من مستشاري دونالد ترامب السابقين للأمن القومي، في ورقة بحثية في مايو الماضي، أنه يجب على الولايات المتحدة الاستمرار في إمداد أوكرانيا بالأسلحة، لكنه دعم مشروط بدخول كييف في مفاوضات سلام مع موسكو.

ولجذب روسيا، سيعد الغرب بتأجيل دخول أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وقال مستشارون سابقون إنه يتعين على أوكرانيا عدم التخلي عن آمالها في استعادة أراضيها التي تحتلها روسيا، لكن يتعين عليها التفاوض استنادا إلى خطوط المواجهة الحالية.

معارضو دونالد ترامب الديمقراطيين، الذين يتهمونه بالتقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قالوا إن نهج ترامب يعتبر بمثابة استسلام لأوكرانيا، وهو ما يعرض أوروبا بأكملها للخطر.

وقال دونالد ترامب مرارا إن أولويته هي إنهاء الحرب، ووقف استنزاف الموارد الأمريكية.لكن من غير الواضح إلى أي مدى تعكس ورقة مستشاري دونالد ترامب تفكير الرئيس الأمريكي المنتخب نفسه، لكنها تعطي دليلاً على نوع النصيحة التي سيحصل عليها على الأرجح.

نهج دونالد ترامب “أمريكا أولا” الساعي لإنهاء الحرب، يتضمن قضية استراتيجية تتعلق بمستقبل حلف الناتو، التحالف العسكري عبر الأطلسي القائم على مبدأ “الكل من أجل واحد وواحد من أجل الكل” الذي أنشئ بعد الحرب العالمية الثانية كحصن ضد الاتحاد السوفيتي.

ويضم الناتو أكثر من 30 دولة، ولطالما شكك ترامب في هذا التحالف، متهما أوروبا بالاستفادة المجانية من وعد أمريكي بالحماية.

ولا يزال سحب دونالد ترامب الولايات المتحدة من حلف الناتو، وهو إن حدث سيشكل أكبر تحول في العلاقات الدفاعية عبر الأطلسي منذ نحو قرن، موضع نقاش.

ويرى حلفاء لدونالد ترامب أن موقفه المتشدد ما هو إلا تكتيك تفاوضي لدفع أعضاء الناتو نحو الالتزام بإرشادات الإنفاق الدفاعي للحلف.

لكن في الواقع، سيشعر القادة في الناتو بقلق شديد إزاء ما يعنيه فوز ترامب بالنسبة لمستقبل الحلف.

الصراع فى الشرق الأوسط

وكما في أوكرانيا، وعد دونالد ترامب بإحلال “السلام” في الشرق الأوسط – مما يدل على سعيه لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، والحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، لكنه لم يقل كيف.

وقال دونالد ترامب مرارا، إنه لو كان في السلطة بدلا من جو بايدن، لما هاجمت حماس إسرائيل، بسبب سياسته “الضغط الأقصى” التي ينتهجها على إيران، التي تمول حركة حماس.

وبشكل عام، فإن دونالد ترامب سيحاول، على الأرجح، العودة إلى سياسته التي أدت إلى انسحاب إدارته من الاتفاق النووي مع إيران، وتطبيق عقوبات أكبر على الجمهورية الإسلامية، وقتل القائد العسكري الأقوى في إيران قاسم سليماني.

وفي البيت الأبيض، تبنى دونالد ترامب سياسات مؤيدة بشدة لإسرائيل، إذ أعلن القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها، في خطوة عززت قاعدته من المسيحيين الإنجيليين، وهي مجموعة من الناخبين الرئيسيين في الحزب الجمهوري.

رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وصف دونالد ترامب بأنه “أفضل صديق حصلت عليه إسرائيل في البيت الأبيض على الإطلاق”.

لكن منتقدي دونالد ترامب قالوا إن سياسته كان لها تأثير مزعزع للاستقرار في المنطقة.

قاطع الفلسطينيون إدارة دونالد ترامب، بسبب تخلي واشنطن عن مطالبهم المتعلقة بالقدس – المدينة التي تشكل المركز التاريخي للحياة الوطنية والدينية للفلسطينيين.

وزادت عزلة الفلسطينيين عندما توسط دونالد ترامب فيما يعرف بـ “اتفاقيات أبراهام” التي أدت إلى اتفاق تاريخي لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل ودول عربية وإسلامية عدة.

ووقعت إسرائيل الاتفاقيات من دون أن تضطر لقبول إقامة دولة فلسطينية مستقلة بجانبها مستقبلا، لتطبيق ما يعرف بحل الدولتين، وهو شرط سابق للدول العربية للتوصل إلى مثل هذا الاتفاق الإقليمي.

وفي المقابل، مُنحت البلدان العربية الموقعة إمكانية الوصول إلى أسلحة أمريكية متطورة مقابل الاعتراف بإسرائيل.

وتُرك الفلسطينيون في واحدة من أكثر النقاط عزلة في تاريخهم من قبل القوة الوحيدة القادرة على ممارسة الضغط على كلا الجانبين في الصراع، وهو ما زاد من تآكل قدرتهم على حماية أنفسهم على الأرض.

وأدلى دونالد ترامب بتصريحات عدة خلال حملته الانتخابية قال فيها إنه يريد أن تنتهي حرب غزة.

لدى ترامب علاقة معقدة، وفي بعض الأحيان غير مستقرة، مع نتنياهو، لكنه يمتلك القدرة على ممارسة الضغط عليه.

ولديه أيضا تاريخ من العلاقات القوية مع قادة في دول عربية مهمة لديها اتصالات مع حماس.

لكن من غير الواضح كيف سيتمكن ترامب من التوفيق بين رغبته في إظهار الدعم القوي لإسرائيل ومحاولته إنهاء الحرب.

يصور حلفاء دونالد ترامب، غالبا، عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته كميزة دبلوماسية، لكن في الشرق الأوسط المضطرب في خضم أزمة ذات أبعاد تاريخية، فمن غير الواضح كيف ستتطور هذه الأزمة.

وسيتعين على دونالد ترامب أن يقرر كيف، أو ما إذا كان، سيمضي في العملية الدبلوماسية المتوقفة التي أطلقتها إدارة بايدن للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة مقابل إطلاق سراح الرهائن لدى حماس.

الصين والتجارة

والنهج الأميركي تجاه الصين هو أهم مجال استراتيجي في سياسة الولايات المتحدة الخارجية، وهو المجال الذي له أكبر الآثر على الأمن والتجارة العالميين.

وخلال فترة رئاسته الأولى، اعتبر دونالد ترامب، الصين، “منافسا استراتيجيا” وفرض رسوماً جمركية على بعض وارداتها إلى الولايات المتحدة، وهو ما دفع بكين إلى فرض رسوم جمركية على الواردات الأمريكية.

وكانت هناك جهود لتهدئة النزاع التجاري، لكن تفشي فيروس كورونا قضى على هذه الفرصة، وساءت العلاقات بعد أن وصف ترامب الفيروس بأنه “فيروس صيني”.

بينما قالت إدارة الرئيس جو بايدن إنها تتخذ نهجاً أكثر مسؤولية تجاه سياسة الصين، لكن في الواقع أبقت على كثير من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب.

وأصبحت السياسة التجارية مرتبطة بتصورات الناخبين في الولايات المتحدة بشأن حماية وظائف التصنيع الأمريكية، على الرغم من أن الانخفاض في عدد الوظائف في الصناعات الأمريكية التقليدية مثل الصلب كان يعود إلى أتمتة المصانع وتغييرات الإنتاج أكثر مما يعود إلى المنافسة العالمية ونقل الصناعات إلى الخارج.

وأشاد دونالد ترامب بالرئيس الصيني شي جينبينغ، ووصفه بأنه “عبقري” و”خطير” وزعيم فعال يسيطر على 1.4 مليار شخص “بقبضة من حديد” – وهو جزء مما وصفه معارضوه بإعجاب دونالد ترامب بـ “الديكتاتوريين”.

وسيبتعد دونالد ترامب، على الأرجح، عن نهج إدارة بايدن في بناء شراكات أمنية أقوى مع دول إقليمية أخرى في محاولة لاحتواء الصين.

وأبقت الولايات المتحدة على تقديم مساعدات عسكرية لتايوان التي تتمتع بحكم ذاتي، والتي تعتبرها الصين مقاطعة انفصالية ستخضع في نهاية المطاف لسيطرة بكين.

وقال دونالد ترامب في أكتوبر ، إنه إذا عاد إلى البيت الأبيض، فلن يحتاج إلى استخدام القوة العسكرية لمنع حصار صيني لتايوان، لأن الرئيس شي يعرف أنه “مجنون”، وأنه سيفرض رسوماً جمركية على الواردات الصينية إذا حدث ذلك.

Loading...