القاهرة – وكالات: في خطوة حاسمة تهدف إلى الحفاظ على مهنية الفن واحترام معاييره الأكاديمية، أعلنت نقابة المهن التمثيلية في مصر فرض غرامة قدرها مليون جنيه على أي جهة إنتاجية تستعين بـالبلوجر أو صُنّاع محتوى تيك توك في الأعمال الفنية دون عضوية بالنقابة أو تأهيل أكاديمي مسبق.
النقيب أشرف زكي: “لن نترك المهنة لمشاهير تيك توك”
قال الدكتور أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، إن القرار الصادر عن النقابة ليس محلًا للنقاش أو التصويت، بل هو إجراء تنظيمي يهدف إلى صون مكانة الفن والتمثيل في مصر.
وأضاف: “لقد درسنا التمثيل والفن وأفنينا أعمارنا في هذه المهنة، ولن نسمح بأن تُترك لمن لا يملك خلفية فنية أو تأهيل أكاديمي. مصر هي هوليوود الشرق، وهي ليست مكانًا للتجريب من قبل مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي.”
التمثيل ليس مهنة من لا مهنة له
شدد زكي على أن القرار نابع من مسؤولية نقابية وأخلاقية، مشيرًا إلى أن المهنة لها ضوابط ومعايير واضحة، وأي انتهاك لهذه المعايير يُعد مساسًا بمكانة مصر الفنية، التي خرّجت أسماء كبيرة مثل أم كلثوم، عبدالحليم حافظ، محمد عبدالوهاب، فاتن حمامة، شادية، أحمد زكي، عادل إمام، محمود عبدالعزيز وغيرهم من الرموز الخالدة.
غرامة على الفنانين المتعاونين مع المؤثرين
وأوضح نقيب الممثلين أن أي فنان يستعين بأحد مشاهير مواقع التواصل دون عضوية نقابية سيكون عرضة لدفع غرامة مالية قدرها مليون جنيه مصري، مؤكدًا أن “الغاية لا تبرر الوسيلة”، حتى إن كانت الخطوة بهدف التسويق أو جذب جمهور أكبر.
وتابع: “إذا كانت الحجة أن هؤلاء يجيدون التمثيل، فمن قال ذلك؟ ولماذا إذًا توجد نقابات ومعاهد فنية متخصصة؟ إن فتح الباب على مصراعيه أمام غير المؤهلين يهدد الكيان المهني ويجعل وجود النقابة بلا معنى.”
رداً على ظاهرة اجتياح المؤثرين للسجادة الحمراء
جاءت تصريحات زكي عقب جدل واسع أثاره الحضور المكثف لعدد من المؤثرين في العرض الخاص لأحد الأفلام الأسبوع الماضي، حيث ظهر عدد من مشاهير التيك توك والبلوغرز على السجادة الحمراء، في مواقع مخصصة للنجوم، وبثوا مقاطع مباشرة عبر حساباتهم، مما أثار تساؤلات واسعة داخل الوسط الفني.
وأكد زكي أن مثل هذه المشاهد تُعتبر “استفزازية” للعديد من الفنانين والممثلين الأكاديميين الذين قضوا سنوات من التدريب والدراسة، في حين يُمنح المؤثرون أضواء الكاميرات بلا استحقاق فني حقيقي.
تحرك تنظيمي أم رفض لمستقبل الإعلام الجديد؟
وفي ظل التباين في الرأي العام، يرى البعض أن قرار النقابة يُعد خطوة لحماية المهنة من الانهيار، بينما يعتبره آخرون تصعيدًا ضد الإعلام الرقمي الجديد، الذي أصبح له دور فاعل في الترويج وصناعة الرأي العام.
لكن زكي ردّ على هذه المزاعم بقوله: “ما يحرّكني ليس السوشيال ميديا، بل ضميري المهني والأمانة التي أحملها تجاه زملائي والفنانين الذين يلتزمون بالقانون ويتعبون في سبيل بناء مسيرتهم.”
إقرا أيضا : وفاة المطرب المصري الشاب أحمد عامر بعد أزمة صحية مفاجئة تشعل موجة حزن عارمة في الوسط الفني
هل هي بداية لتنظيم العلاقة بين الفن والإعلام الرقمي؟
يُجمع مراقبون على أن المشهد الفني بات بحاجة إلى إعادة تعريف العلاقة بين الإنتاج الفني ووسائل التواصل الاجتماعي، بما يضمن الانفتاح على أدوات العصر، دون التضحية بالقواعد المهنية.
وفي الوقت الذي تسعى فيه بعض الدول لتطوير أطر قانونية تنظم مشاركة المؤثرين في الإنتاجات الفنية، يبدو أن مصر اختارت أن ترسم خطًا فاصلاً بين الموهبة الاحترافية والتأثير الافتراضي، في محاولة لإعادة الاعتبار للفن كقيمة معرفية وتربوية قبل أن يكون وسيلة للترفيه أو الربح.
خلاصة:
قرار نقابة المهن التمثيلية المصرية بفرض غرامة على مشاركة المؤثرين دون تأهيل أكاديمي يعكس معركة دفاع عن هوية الفن أمام موجة التأثير السريع والنجومية الرقمية. وبينما تتسارع التغيرات في صناعة الإعلام والترفيه، يبقى التحدي قائمًا: كيف نوازن بين الأصالة والتجديد دون أن نفقد روح المهنة؟