الذكاء الاصطناعي يُربك صناعة الإعلان: 60% من وكالات الإعلان الأميركية تعتمد عليه

يشهد قطاع الإعلان العالمي اضطرابًا جذريًا بفعل ثورة الذكاء الاصطناعي، التي غيّرت ملامح الإبداع التقليدي، وأثارت مخاوف المستثمرين من فقدان السيطرة على أدوات الصناعة، وفقًا لما صرّح به قادة كبرى الشركات الإعلانية.

تحول جذري يزعزع القطاع

قال مارك ريد، الرئيس التنفيذي المُنتهية ولايته لمجموعة WPP البريطانية، وهي إحدى أكبر شركات الإعلان في العالم:
“التغير الذي يحدثه الذكاء الاصطناعي ليس مجرّد تطور تقني، بل زلزال حقيقي يهزّ أركان صناعة الإعلان ويُقلق المستثمرين على نطاق واسع.”

وأكد ريد أن الذكاء الاصطناعي التوليدي بات قادرًا على إحداث تغييرات جذرية في الإبداع، من خلال تسريع إنتاج المحتوى، وخفض التكاليف، وإعادة تعريف المهارات المطلوبة في القطاع.

منصات الذكاء الاصطناعي تُغيّر قواعد اللعبة

أشار ريد إلى أن 50 ألف موظف في شركته يستخدمون حاليًا منصة “WPP Open”، وهي منصة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، توظف خوارزميات متقدمة في إعداد الحملات التسويقية وتحليل البيانات وتنفيذ الأعمال الإبداعية.

وتُظهر بيانات شركة “فورستر” أن 60% من وكالات الإعلان الأميركية تستخدم بالفعل الذكاء الاصطناعي التوليدي، فيما 31% منها تستكشف حاليًا تطبيقات جديدة لهذه التقنية.

قادة الصناعة: الذكاء الاصطناعي فرصة وليست نهاية

يتقاطع رأي ريد مع تصريحات موريس ليفي، الرئيس التنفيذي لشركة Publicis Groupe الفرنسية، الذي وصف التحول الجاري في قطاع الإعلان بأنه “هائل”، نتيجة القدرات المتزايدة للذكاء الاصطناعي.

وقال ليفي:
“أدوات توليد الصور والفيديوهات تُسرّع عملية الإنتاج، فيما تُمكّن تقنيات الرسائل الذكية من تقديم تجارب تخصيص واسعة النطاق لم تكن ممكنة من قبل.”

ومع ذلك، دعا ليفي إلى الحذر، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يُنظر إليه كأداة، لا كبديل للبشر، موضحًا أن التقنية قد تُلغي بعض الوظائف، لكنها ستخلق في المقابل فرصًا جديدة، مما يُبقي صافي الأثر إيجابيًا.

تحذيرات من فقدان الطابع البشري للإبداع

في المقابل، حذرت نيكول دينمان غرين، المحللة لدى شركة “جارتنر”، من اعتماد الشركات بشكل مفرط على الذكاء الاصطناعي دون مراعاة البعد الإنساني في الإبداع.

وقالت غرين إن على العلامات التجارية أن تتجنب إثارة قلق المستهلكين، خاصةً مع وجود شريحة واسعة ترى أن استخدام الذكاء الاصطناعي يجب ألا يأتي على حساب الوظائف البشرية.
ووفقًا لاستطلاع أجرته “جارتنر”، يرى 82% من المستهلكين أن الحفاظ على الوظائف البشرية أهم من زيادة الأرباح.

وأضافت:
“على الذكاء الاصطناعي أن يساعد في تقديم رؤى استراتيجية، وتنفيذ أفكار فريدة، والتواصل مع جماهير متنوعة بطرق أكثر خصوصية وارتباطًا بالعلامة التجارية، دون المساس بجوهر الإبداع الإنساني.”

تحديات وفرص في عصر التحول الإبداعي

مع ظهور أدوات مثل DALL·E من “OpenAI“، وVeo من جوجل، وMidjourney، دخلت صناعة الإعلان حقبة جديدة من المحتوى المُولّد بالذكاء الاصطناعي، وهو ما يُسرّع الإنتاج ويقلّص النفقات، لكنه في الوقت ذاته يُجبر الشركات على إعادة النظر في نماذج عملها وتوظيفها.

وتُجمع التحليلات على أن هذا التحول سيُعيد تشكيل القوى العاملة الإبداعية، ويفرض نموذجًا جديدًا يمزج بين الإنسان والآلة، في سعي دائم للحفاظ على التوازن بين الكفاءة والابتكار.

OpenAIالذكاء الاصطناعيجوجلخوارزميات
Comments (0)
Add Comment