أميركا تصعّد تجاريًا: رسوم جمركية جديدة مطلع أغسطس وأوروبا في سباق لاحتواء الأزمة

0 8

أكدت الولايات المتحدة أنها ستمضي قدمًا في خطتها لفرض رسوم جمركية جديدة على واردات قادمة من الاتحاد الأوروبي اعتبارًا من 1 أغسطس 2025، ما أثار مخاوف من اندلاع أزمة تجارية جديدة بين اثنين من أكبر التكتلات الاقتصادية في العالم. في المقابل، يسابق الاتحاد الأوروبي الزمن لتفادي التصعيد، وسط محاولات متواصلة للتوصل إلى اتفاق تجاري شامل قبل حلول الموعد الحاسم.

وزير التجارة الأميركي: “هذا موعد نهائي صارم… والباب ما زال مفتوحًا”

قال وزير التجارة الأميركي، هوارد لوتنيك، في مقابلة مع شبكة CBS News، إن الإدارة الأميركية ثابتة على موقفها بشأن فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على بعض واردات الاتحاد الأوروبي، مؤكدًا أن هذه التعريفة ستدخل حيز التنفيذ مطلع أغسطس ولا نية للتراجع عنها.

وأشار لوتنيك إلى أن بلاده لا تمانع استمرار الحوار حتى بعد بدء تطبيق الرسوم، قائلاً: نحن نتحدث عن أكبر شريكين تجاريين في العالم. سنتوصل إلى اتفاق، وأنا واثق من ذلك. لكن اعتبارًا من الأول من أغسطس، سيدفعون الرسوم.

وأضاف: لا شيء يمنع الدول من التفاوض معنا بعد الأول من أغسطس، ولكن الرسوم ستكون مفروضة بحكم الأمر الواقع منذ ذلك التاريخ.

دونالد ترامب

الاتحاد الأوروبي يلوّح بإجراءات انتقامية… ولوتنيك يستهين بالرد

في المقابل، أفادت مصادر أوروبية أن بروكسل تستعد لاتخاذ حزمة من التدابير المضادة إذا ما مضت واشنطن قدمًا في تنفيذ تعريفتها الجمركية. غير أن لوتنيك قلل من أهمية هذه التهديدات، قائلاً: لن يفعلوا ذلك ببساطة، في إشارة إلى توقعه بعدم قدرة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ خطوات جادة للرد.

تتواصل في الكواليس مفاوضات رفيعة المستوى تهدف للتوصل إلى صيغة وسط تُرضي الطرفين، خاصة أن الاتحاد الأوروبي يسعى للتفاوض على نموذج مشابه للاتفاق التجاري الذي توصلت إليه المملكة المتحدة مع واشنطن، والذي حدد تعريفة جمركية عند 10% مع بعض الاستثناءات المتعلقة بقطاعات السيارات والصلب والطيران.

خبراء يشككون في فرص بروكسل لإبرام اتفاق مشابه للمملكة المتحدة

لكن محللين اقتصاديين أعربوا عن تشككهم في قدرة الاتحاد الأوروبي على التوصل لاتفاق مشابه، مشيرين إلى الطبيعة المعقدة للعلاقة بين الاتحاد الأوروبي والرئيس الأميركي دونالد ترامب، مقارنة بعلاقته مع المملكة المتحدة.

وعُرف ترامب بموقفه المتشدد تجاه الاتحاد الأوروبي، حيث يعتقد أن العلاقة التجارية بين الجانبين غير متوازنة، وقد عبّر مرارًا عن استيائه مما يصفه بـ”الممارسات التجارية غير العادلة” من قِبل بروكسل، وهو ما ينفيه مسؤولو الاتحاد الأوروبي بشدة.
اقرأ أيضاً: يوتيوب تسلّط الضوء على تأثيرها الاقتصادي الضخم في الولايات المتحدة خلال 2024

التبادل التجاري بين الجانبين: شراكة ضخمة ولكنها غير مستقرة

بحسب بيانات المجلس الأوروبي، بلغ حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في عام 2024 نحو 1.68 تريليون يورو (ما يعادل 1.96 تريليون دولار). وسجل الاتحاد الأوروبي فائضًا تجاريًا في السلع، يقابله عجز في قطاع الخدمات، ما يجعل الميزان الكلي يصب في مصلحة الاتحاد بفائض يقدر بـ50 مليار يورو.

Related Posts
1 of 6

ترامب يدفع باتجاه رسوم تتراوح بين 15% و25%

وذكرت صحيفة فايننشال تايمز، نقلًا عن مصادر مطلعة، أن ترامب يدفع داخل البيت الأبيض باتجاه فرض حد أدنى من الرسوم الجمركية يتراوح بين 15% و20% على واردات من الاتحاد الأوروبي ضمن أي اتفاق تجاري مستقبلي، كما أنه لا يمانع الحفاظ على رسوم قطاع السيارات عند 25%، ما قد يُشكّل ضربة قاسية لصناعة السيارات الألمانية.

بروكسل تتحرك: خيارات الرد على الطاولة

اللهجة التصعيدية الأميركية دفعت مسؤولي الاتحاد الأوروبي إلى مناقشة خيارات الرد، حيث يدرسون تفعيل حزمة رسوم جمركية مضادة تشمل سلعًا أميركية بقيمة تصل إلى 72 مليار يورو، بحسب ما ذكره تقرير شبكة CNBC.

وتستهدف الرسوم المقترحة قطاعات متعددة، من بينها الملابس، والمنتجات الزراعية، والمشروبات، والمواد الغذائية. كما يدرس التكتل الأوروبي تفعيل “أداة مكافحة الإكراه” الجديدة، وهي أقوى آلية تجارية يمتلكها الاتحاد، وتتيح للمفوضية الأوروبية فرض إجراءات عقابية أحادية ضد دول تتخذ ممارسات تجارية عدائية.

المجر الحليف الأميركي الوحيد داخل الاتحاد

بحسب مصادر في المفوضية الأوروبية، فإن أغلب دول التكتل تدعم اتخاذ موقف قوي ضد واشنطن، باستثناء المجر، التي يُعرف عن رئيس وزرائها فيكتور أوربان تحالفه السياسي مع الرئيس ترامب، ما يجعل بودابست تتبنى موقفًا مهادنًا في هذا الملف.

الرسوم الأوروبية جاهزة للتنفيذ بعد 6 أغسطس

وفقًا لما تم تسريبه، فإن الرسوم الأوروبية على المنتجات الأميركية البالغ قيمتها 21 مليار يورو مجمّدة مؤقتًا حتى 6 أغسطس. وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قبل هذا التاريخ، فإن بروكسل ستفعل الحزمة الأولى، على أن تُطلق الحزمة الثانية تدريجيًا، وهي أكبر بكثير وتشمل واردات بعشرات المليارات.

أسواق المال تترقب.. وتصعيد محتمل يهدد سلاسل التوريد

يتابع المستثمرون وصانعو السياسات حول العالم هذه التطورات عن كثب، إذ من شأن فرض رسوم جمركية متبادلة بين ضفتي الأطلسي أن يُحدث اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، ويزيد من حالة الغموض الاقتصادي، لا سيما في قطاعات رئيسية مثل السيارات والتكنولوجيا والمواد الخام.

ويخشى الخبراء من أن يؤدي هذا التصعيد إلى سلسلة من الإجراءات الانتقامية على المستوى العالمي، تُعيد للأذهان أجواء الحرب التجارية الأميركية الصينية خلال إدارة ترامب السابقة، والتي أدت حينها إلى تقلبات حادة في الأسواق العالمية.

خاتمة: هل يُكتب للاتفاق أن يُنجز في اللحظة الأخيرة؟

وسط هذا التصعيد الكلامي والتصلب في المواقف، تبقى كل السيناريوهات واردة. وبينما تتمسك أميركا بموعدها النهائي لبدء فرض الرسوم الجمركية، يكافح الاتحاد الأوروبي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، في محاولة لتجنب صدام تجاري شامل. وحتى الآن، يبقى الأمل معقودًا على اللحظات الأخيرة، فربما ينجح الطرفان في التوصل إلى اتفاق يحفظ ماء الوجه ويجنب الاقتصاد العالمي موجة جديدة من الاضطرابات.

Comments
Loading...
ايتونز تمارا |  شدات ببحي اقساط |  أضف موقعك |  أضف موقعك