تروث سوشال Truth Social.. منصة تواصل اجتماعي في قلب العاصفة الرقمية
في عصر تهيمن فيه وسائل التواصل الاجتماعي على النقاش العام وصناعة الرأي، ظهرت منصة “تروث سوشال” (Truth Social) لتثير جدلًا واسعًا بين المؤيدين والمنتقدين، باعتبارها تجربة رقمية جديدة تجمع بين الطموح التكنولوجي والتوجهات السياسية الواضحة.
مشروع ترامب لمنافسة عمالقة السوشيال ميديا
تأسست تروث سوشال على يد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أكتوبر 2021، بعد أن تم تعليق حساباته على تويتر وفيسبوك إثر أحداث اقتحام الكونجرس في يناير من العام نفسه.
أراد ترامب من خلال هذه المنصة إنشاء بديل رقمي يتيح لأنصاره التعبير بحرية بعيدًا عما وصفه بـ”رقابة شركات التكنولوجيا الكبرى”.
تتبع المنصة لشركة “مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا” (Trump Media & Technology Group)، وقد أُطلقت رسميًا في فبراير 2022.
آلية الاستخدام والتصميم
تتشابه واجهة تروث سوشال بشكل لافت مع تويتر، إذ يمكن للمستخدمين كتابة منشورات تعرف باسم “Truths”، وإعادة نشرها في ما يسمى “ReTruths”، مع إمكان التعليق والإعجاب والمتابعة.
يتوفر التطبيق على متجر آبل (App Store) لهواتف آيفون، إضافة إلى إصدار ويب يمكن الوصول إليه عبر المتصفح.
وبعد جدل طويل حول سياسات المحتوى، أصبح التطبيق متاحًا لاحقًا على متجر جوجل بلاي لأجهزة أندرويد.
أبرز السمات التقنية والمنهجية
- شعار المنصة: “قول الحقيقة”، في محاولة لتقديم نفسها كمساحة مفتوحة للرأي والتعبير.
- سياسة المحتوى: تفتخر المنصة بأنها تقلل من القيود المفروضة على ما ينشره المستخدمون، مقارنة بتويتر وفيسبوك.
- الجمهور المستهدف: ركّزت منذ البداية على جذب التيار المحافظ والجمهور المؤيد لترامب، ما جعلها أكثر تجانسًا فكريًا وأقل تنوعًا.
تحديات تقنية وتمويلية
لم تكن رحلة تروث سوشال خالية من العراقيل. عند الإطلاق، واجه المستخدمون صعوبة في إنشاء الحسابات بسبب أعطال تقنية، كما ظهرت تساؤلات قانونية حول طريقة تمويل الشركة الأم عبر اندماج مع كيان استحواذ خاص (SPAC).
علاوة على ذلك، عانى التطبيق في مراحل كثيرة من انخفاض معدلات الانتشار مقارنة بعمالقة التواصل الاجتماعي، ما أثار شكوكًا حول قدرته على الاستمرار والتوسع.

التأثير على المشهد الرقمي
رغم التحديات، تمكّنت المنصة من استقطاب ملايين المستخدمين بحلول عام 2024، وأصبحت القناة الأساسية التي يستخدمها ترامب لبث تصريحاته وإعلاناته السياسية، بما في ذلك رسائل تتعلق بحملاته الانتخابية وخططه المستقبلية.
كما يعتقد محللون أن “تروث سوشال” ساهمت في زيادة الاستقطاب الرقمي داخل المجتمع الأمريكي، في ظل اتهامات متكررة بأنها ساعدت في نشر معلومات مضللة ونظريات مؤامرة.
مستقبل المنصة
يرى خبراء التقنية والإعلام أن مستقبل تروث سوشال مرتبط بعدة عناصر حاسمة:
- توسيع قاعدة المستخدمين خارج الدوائر المحافظة.
- تطوير البنية التقنية لتكون أكثر اعتمادية وجاذبية.
- تخفيف الارتباط الشخصي باسم ترامب من أجل بناء هوية مستقلة.
خلاصة
مع استمرار التحولات المتسارعة في عالم المنصات الرقمية، تظل تروث سوشال حالة فريدة تجمع بين السياسة والتكنولوجيا، وتعكس كيف أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أداة نفوذ وواجهة صراع على السرديات.
في النهاية، سواء اعتُبرت خطوة نحو حرية التعبير أو منصة استقطاب، فإن تروث سوشال تفرض نفسها كلاعب رقمي لن يكون من السهل تجاهل تأثيره على المشهد الإعلامي والسياسي العالمي.