تراجع خطر النوبات القلبية وظهور أمراض قلبية جديدة تهدد الصحة العامة
كشفت دراسة طبية أميركية حديثة عن تراجع كبير في معدلات الوفيات الناتجة عن النوبات القلبية خلال العقود الخمسة الماضية، في مقابل ارتفاع ملحوظ في أمراض قلبية أخرى مرتبطة بعوامل نمط الحياة الحديثة مثل السمنة، والسكري، وارتفاع ضغط الدم.
وبحسب الدراسة التي نُشرت في دورية جمعية القلب الأميركية، فإن وفيات النوبات القلبية انخفضت بنسبة تقارب 90% منذ عام 1970، بينما تراجعت الوفيات الناتجة عن أمراض القلب بشكل عام بنسبة 66%.
لكن الدراسة لفتت في المقابل إلى أن الوفيات الناتجة عن الرجفان الأذيني وفشل القلب واضطرابات ضغط الدم ارتفعت بنسبة 81% خلال الفترة ذاتها، وذلك استنادًا إلى تحليل شامل لبيانات صحية حكومية بين عامي 1970 و2022.
تحول في طبيعة المخاطر القلبية

وأوضحت الدكتورة سارة كينغ، أستاذة طب القلب في جامعة ستانفورد والمشرفة على الدراسة، أن التقدم في تقنيات التشخيص والعلاج كان له دور محوري في خفض عدد الوفيات الناتجة عن النوبات القلبية. لكنها حذرت من أن “عبء أمراض القلب لم يختف، بل تغيرت ملامحه مع تغيّر نمط الحياة وارتفاع متوسط الأعمار”.
وأضافت أن أمراض القلب التي كانت نادرة في السابق أصبحت أكثر شيوعًا، خاصة لدى كبار السن، مشيرة إلى أن “نمط الحياة المعاصر الذي يتسم بقلة النشاط البدني وزيادة معدلات البدانة وسوء التغذية، أسهم بشكل كبير في بروز أمراض قلبية مزمنة ومعقدة”.
أرقام مقلقة وتحولات ديموغرافية
ووفقًا للدراسة، كانت النوبات القلبية تمثل 54% من وفيات أمراض القلب في عام 1970، بينما تراجعت هذه النسبة إلى 29% في عام 2022. في المقابل، ارتفعت وفيات فشل القلب بنسبة 146%، والوفيات المرتبطة بارتفاع ضغط الدم بنسبة 106%.
كما أشارت النتائج إلى دور التحول الديموغرافي في هذه التحولات الصحية، حيث وصل جيل “البيبي بومرز” – أي المولودون بين عامي 1946 و1964 – إلى مرحلة الشيخوخة، ما أدى إلى تزايد معدلات الإصابة بفشل القلب واضطرابات نظم القلب، وهي أمراض كانت نادرة الحدوث في العقود الماضية.
تحديات جديدة في الوقاية والعلاج
وفي تعليقها على نتائج الدراسة، قالت الدكتورة لاتا بالانيابان، أستاذة طب القلب في جامعة ستانفورد:
“لقد أحرزنا تقدمًا كبيرًا في خفض معدلات الوفاة بالنوبات القلبية، إلا أن التحديات القلبية الجديدة تتطلب مقاربات مختلفة في مجالات الوقاية والتشخيص والتوعية والعلاج”.
وأكدت أن المعركة ضد أمراض القلب لم تنتهِ بعد، بل تغيرت ملامحها، ما يستوجب التركيز على أنماط الحياة الصحية، وتعزيز برامج الكشف المبكر، خصوصًا في الفئات الأكثر عرضة للخطر.