يُعد الإحرام أول مناسك الحج والعمرة، وهو بمثابة إعلان الدخول في حالة عبودية وخضوع تام لله عز وجل، وامتثال لأوامره. ويكتسب الإحرام رمزية خاصة؛ فهو ليس مجرد لباس، بل حالة روحانية يتجرد فيها المسلم من المظاهر الدنيوية، استعدادًا للوقوف بين يدي الله في أطهر بقاع الأرض.
في هذا التقرير، نستعرض عبر “الجديد الإخباري” مفهوم الإحرام، وطريقة ارتدائه الصحيحة للرجال والنساء، إضافة إلى الحكمة من هذا التشريع الرباني، وما يجب تجنبه أثناء الإحرام.
ما هو الإحرام؟
الإحرام لغةً هو الدخول في “حرمة” شيء ما، ويُقال: “أحرم بالصلاة أو بالحج”، أي دخل في نسكها، أما اصطلاحًا فهو نية الدخول في النُسك، سواء للحج أو العمرة، ويترافق مع نية وتلبية، ويترتب عليه التزام بعدد من المحظورات الشرعية.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
“لا يكون الرجل محرمًا بمجرد ما في قلبه من قصد، بل لا بد من قول أو عمل يصير به محرمًا”.
طريقة لبس الإحرام للرجال
يلتزم الرجل في الإحرام بلباس بسيط مكوّن من قطعتين هما:
الإزار: يُلف على الجزء السفلي من الجسم ليستر من السرة إلى الركبة.
الرداء: يُوضع على الكتفين والصدر ويغطي الجزء العلوي من الجسم.
ويُستحب تغطية الكتفين برداء الإحرام، ويُسمح بتثبيت الرداء بمشبك أو مشد، على أن يكون اللباس أبيض ونظيفًا.
ولا يجوز للرجل خلال الإحرام:
ارتداء ما هو مخيط على شكل الجسد (كالقمصان والسراويل).
تغطية الكعبين أو الرأس.
استخدام الطيب أو العطر.
وقد ورد عن النبي ﷺ قوله:
“لِيُحرِم أحدُكم في إزارٍ ورداءٍ ونعلين” [رواه أحمد].
طريقة لبس الإحرام للنساء
الإحرام للمرأة يختلف عن الرجل، فلا يُشترط لباس معين، لكنها تلتزم بالستر الكامل وعدم التبرج، ومن ضوابط الإحرام للمرأة:
لبس ثوب ساتر لا يصف ولا يشف، لا يُلفت الأنظار.
لا ترتدي النقاب أو القفازين أثناء الإحرام، لقول النبي ﷺ:
“لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين” [رواه البخاري].
كما يُحرم على المرأة التزين أو التعطر، ويُستحب أن يكون لباسها بلون لا يُثير الانتباه ولا يشبه لباس الرجال.
الحكمة من لبس الإحرام
شرع الله تعالى لبس الإحرام لحكم عظيمة، منها:
تذكير المسلم بيوم القيامة حين يُبعث الناس حفاة عراة.
تجسيد التواضع والتجرد من مظاهر الدنيا.
توحيد المسلمين في زيّ واحد ومكان واحد، دلالة على المساواة.
إشعار الحاج بأنه في ضيافة الله، فلا يُشغله شيء عن التعبد.
محظورات الإحرام
ينبغي على المحرم – رجلًا أو امرأة – الالتزام بعدد من المحظورات التي إن خالفها ترتّبت عليها كفارات شرعية، ومنها:
- لبس المخيط للرجل، وتغطية الرأس.
- استخدام الطيب أو إزالة الشعر والأظافر.
- عقد النكاح أو الخطبة.
- الجماع أو المباشرة بشهوة.
- لبس النقاب والقفازات للمرأة.
- قتل الصيد البري أو الدلالة عليه (عدا صيد البحر المباح).
ختامًا
الإحرام ليس مجرد لباس، بل حالة روحانية عظيمة تتطلب حضور القلب والتزام الجوارح. ومعرفة طريقة لبسه وأحكامه ومحظوراته شرطٌ أساسي لقبول النسك، فينبغي للمسلم أن يستعد له علمًا وعملاً قبل أن يشد الرحال إلى بيت الله الحرام.