الصين تحذر من مشروع “القبة الذهبية” الأمريكي: تهديد للأمن العالمي وتصعيد سباق التسلح في الفضاء
أعربت الصين، اليوم الأربعاء، عن قلقها العميق إزاء إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن مشروع دفاعي جديد يحمل اسم “القبة الذهبية“، واصفة إياه بأنه انتهاك صارخ لمبادئ الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، ومؤشر خطير على تحول الفضاء إلى ساحة معركة جديدة.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، خلال مؤتمر صحفي عقد في بكين صباح الأربعاء، إن المشروع الأميركي يمثل “نظاماً هجومياً عالي الخطورة”، ويُعد خطوة تصعيدية تهدد بزعزعة الاستقرار الاستراتيجي على الصعيد الدولي. وأكدت أن هذا النوع من المبادرات يعزز خطر اندلاع سباق تسلح في الفضاء، ويقوض أسس النظام العالمي للحد من التسلح.
الصين تنتقد السعي الأميركي نحو “الأمن المطلق”
أشارت ماو إلى أن واشنطن، بسعيها المحموم نحو ما وصفته بـ”الأمن المطلق”، تتجاهل مبدأ الأمن المشترك والمتبادل، وتضع مصالحها فوق اعتبارات الاستقرار العالمي. وأضافت: “الولايات المتحدة تضعف أمن الجميع، وتخل بالتوازن الاستراتيجي العالمي”، داعية واشنطن إلى التراجع عن المشروع واتخاذ خطوات عملية لبناء الثقة مع القوى الدولية الأخرى.

مشروع “القبة الذهبية”: درع فضائي بتكلفة خيالية
وكان ترامب قد أعلن، يوم الثلاثاء، من المكتب البيضاوي، عن خطته لإطلاق مشروع “القبة الذهبية”، الذي تبلغ تكلفته نحو 175 مليار دولار، ويُعد أول نظام دفاعي أميركي يدمج أسلحة فضائية هجومية في بنيته.
ويهدف النظام الجديد إلى اعتراض وتدمير الصواريخ الباليستية في مراحل مختلفة من مسارها، سواء على الأرض أو في الفضاء، بدءاً من مرحلة الإطلاق وحتى اقترابها من الأهداف النهائية.
آلية عمل النظام الدفاعي الجديد
وفقاً للرؤية التي طرحها ترامب، فإن “القبة الذهبية” ستعتمد على قدرات مزدوجة أرضية وفضائية تشمل:
الكشف المبكر عن التهديدات الصاروخية.
تدمير الصواريخ في مرحلة ما قبل الإطلاق.
اعتراضها بعد ثوانٍ من انطلاقها.
القضاء عليها في أثناء تحليقها، وحتى قبل وصولها إلى هدفها.
وقد أوكل ترامب مسؤولية الإشراف على المشروع إلى الجنرال مايكل جيتلين، نائب قائد العمليات الفضائية. كما أشار إلى أن كندا أبدت رغبتها في الانضمام إلى المشروع، ما قد يشير إلى احتمالية نشوء تحالفات دفاعية جديدة في الفضاء.
تشابه مع “القبة الحديدية” الإسرائيلية ولكن على نطاق فضائي أوسع
استوحى ترامب اسم “القبة الذهبية” من نظام “القبة الحديدية” الإسرائيلي، لكنه أكد أن النسخة الأميركية ستكون أكثر تطوراً وشمولية، حيث ستتضمن أسطولاً من الأقمار الصناعية الهجومية إضافة إلى شبكة مراقبة فضائية، وهو ما يثير القلق بشأن عسكرة الفضاء.
قلق سياسي داخلي وتمويل محل جدل
على الرغم من الضجة الإعلامية حول المشروع، إلا أن تنفيذ “القبة الذهبية” لا يزال يواجه تحديات سياسية وتمويلية كبيرة. فقد عبّر عدد من المشرعين الديمقراطيين عن مخاوفهم من الكلفة الهائلة للمشروع، ومن مشاركة شركات مرتبطة بترامب، مثل “سبيس إكس” المملوكة للملياردير إيلون ماسك، إلى جانب شركتي بالانتير وأندوريل، في تطوير المكونات الرئيسية للنظام.
هل يمهد المشروع لصراع جديد في الفضاء؟
يُنظر إلى مشروع “القبة الذهبية” على أنه تحوّل جذري في السياسات الدفاعية الأميركية، يعكس رؤية متشددة نحو فرض الهيمنة في الفضاء الخارجي. غير أن هذه الرؤية تثير مخاوف دولية، لاسيما من قبل الصين وروسيا، التي ترى في مثل هذه المشاريع تهديداً مباشراً للاتفاقات الدولية المتعلقة بالفضاء.
ويأتي هذا الجدل وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية وتزايد استخدام الأقمار الصناعية والتكنولوجيا الفضائية في الشؤون العسكرية، ما ينذر بمرحلة جديدة من التنافس الاستراتيجي في مدار الأرض.