دمشق تسعى لاحتواء التوتر في الجنوب: خطة أمنية تمهّد لوقف التصعيد في درعا والسويداء

0 3

تتجه الأنظار نحو الجنوب السوري مع تصاعد الأحاديث عن تهدئة مرتقبة تشمل محافظتي درعا والسويداء، وذلك في أعقاب تحركات أمنية وسياسية تقودها الحكومة السورية لاحتواء التوترات المتكررة هناك. وتشير مصادر متقاطعة إلى أن الخطة الأمنية الجديدة، التي يشرف عليها وزير الداخلية اللواء محمد الرحمون، تهدف إلى نزع فتيل الانقسام وتجنيب المنطقة مزيدًا من التصعيد.

وفي خطوة لافتة، التقى الرحمون بعدد من الشخصيات البارزة في محافظة السويداء، بينهم الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري. وشهد اللقاء تداولًا لوجهات النظر بشأن مستقبل المحافظة التي عانت من تفلت أمني واحتجاجات شعبية متصاعدة خلال الأشهر الماضية، على خلفية تردي الأوضاع المعيشية وغياب الخدمات الأساسية.

ورغم حرص دمشق على إظهار اللقاءات كجزء من جهودها “لحماية وحدة البلاد”، ترى مصادر محلية أن الزيارة تعبّر عن قلق رسمي حقيقي من تصاعد الأصوات المعارضة، خاصة في السويداء، حيث توسعت مؤخراً رقعة المطالب الداعية إلى اللامركزية وحتى إسقاط النظام.

أما في درعا، فيبدو أن الأمور أكثر تعقيدًا. إذ تتحدث تقارير محلية عن تفاهمات غير معلنة بين الحكومة وبعض الفصائل المسلحة برعاية روسية، من شأنها إعادة ضبط الأمن مقابل بعض التنازلات الإدارية. ويأتي هذا التحرك في ظل تواتر عمليات الاغتيال والخطف في المحافظة، التي ظلت منذ اتفاق التسوية عام 2018 ساحة مفتوحة للتوترات بين الدولة ومسلحين محليين.

مناشدات للتهدئة ودعوات للحذر

وفي السياق ذاته، دعا الشيخ حكمت الهجري في بيان له إلى “ضبط النفس” وتغليب لغة الحوار، مطالبًا أبناء السويداء بعدم الانجرار وراء الاستفزازات التي من شأنها زعزعة الاستقرار المحلي. كما شدد على ضرورة الحفاظ على السلم الأهلي وعدم إقحام المحافظة في مواجهات لا تخدم أبناءها.

من جانبها، نقلت مصادر إعلامية سورية عن مسؤولين حكوميين تأكيدهم أن الدولة ملتزمة بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وأن أي مطالب محقة يمكن مناقشتها ضمن الأطر الوطنية، بعيدًا عن “محاولات التقسيم أو التحريض الخارجي”.

قراءة في المشهد

يرى مراقبون أن تحركات دمشق الأخيرة تهدف إلى امتصاص موجة الغضب الشعبي، خاصة في ظل اشتداد الضغوط الاقتصادية والعقوبات الغربية. كما يأتي هذا الحراك بعد أشهر من توسع الاحتجاجات في السويداء، ما دفع القيادة السورية إلى اتباع سياسة “الاحتواء المرحلي”، بدلًا من الدخول في صدام مفتوح.

ورغم التفاؤل الحذر بشأن فرص التهدئة، يظل المشهد مفتوحًا على احتمالات متعددة، خصوصًا مع تنامي مشاعر الإحباط الشعبي وانعدام الثقة بين السكان المحليين والمؤسسات الرسمية. وفي غياب رؤية شاملة لمعالجة جذور الأزمة السياسية والاجتماعية في الجنوب، فإن أية تهدئة حالية قد لا تكون سوى “استراحة مؤقتة” في طريق أزمة مستمرة.

Comments
Loading...
ايتونز تمارا |  شدات ببحي اقساط |  شحن سوا تمارا |  أضف موقعك