تعديلات جديدة على قانون الرياضة المصري: تنظيم شركات كرة القدم وتحديد نسب الأسهم داخل الأندية

0 4

في خطوة تشريعية طال انتظارها داخل الوسط الرياضي المصري، وافق مجلس النواب مبدئيًا على تعديلات قانون الرياضة رقم 71 لسنة 2017، الذي يهدف إلى تطوير الإطار القانوني والإداري للرياضة في مصر، وبصفة خاصة تنظيم آلية تأسيس شركات كرة القدم داخل الأندية الرياضية، وتحديد نسب أسهمها. جاءت هذه التعديلات استجابة لمتغيرات مهمة في البيئة الكروية محليًا وإقليميًا، ورغبةً في تطوير قدرات الأندية على تحقيق موارد مالية مستدامة تعزز التنافسية والاحترافية.

موجز التعديلات الرئيسية وأهدافها

تتضمن التعديلات تحديد قواعد واضحة لإلزام الأندية التي تشارك فرقها في الدوري الممتاز لكرة القدم بتأسيس شركات مساهمة. وبحسب ما أعلنته اللجنة المختصة بمجلس النواب، فإن تلك الشركات ستتولى إدارة النشاط الكروي في كل نادٍ بشكل منفصل عن الأنشطة الأخرى.

وتحدد التعديلات أن لا تقل نسبة أسهم النادي في الشركة عن 51% من رأس المال، بما يضمن الحفاظ على سيطرة النادي الأم على قرارات الشركة وإدارتها الاستراتيجية، ويمنع تسربها إلى مستثمرين خارجيين دون ضوابط.

ويأتي هذا التعديل في إطار خطة أكبر للدولة المصرية تستهدف جذب الاستثمارات الخاصة إلى القطاع الرياضي، وتوسيع قاعدة التمويل، وتشجيع الاحترافية المؤسسية في إدارة الأندية.

الأندية وشركات كرة القدم: نموذج احترافي عالمي

في العقدين الأخيرين، تحولت إدارة كرة القدم عالميًا إلى نمط الشركات المساهمة، حيث أصبحت الأندية الكبيرة تعتمد على شركات تجارية لإدارة حقوق البث والرعاية والتعاقدات. وتأتي خطوة التشريع المصري لتواكب هذه التحولات وتضع إطارًا قانونيًا يضبط العلاقة بين الكيان الرياضي العريق، والمساهمين، والجمهور، والجهات الرقابية.

وتُعد تجربة نادي برشلونة الإسباني ونادي بايرن ميونيخ الألماني مثالين ملهمين؛ حيث حافظت تلك الأندية على نسبة سيطرة الأغلبية للأعضاء أو الجمعيات العمومية، مع السماح بجذب استثمارات ضخمة عبر الشركات التابعة.

إقرأ أيضاً: مباراة الأهلي ضد إنتر ميامي في افتتاح كأس العالم للأندية 2025.. الموعد، القنوات، والتحليل الفني

رؤية وزارة الشباب والرياضة

بحسب تصريحات مسؤولي وزارة الشباب والرياضة، فإن التعديلات الجديدة ستتيح للأندية الكبرى مثل الأهلي والزمالك وبيراميدز فرصًا أكبر لجذب رعاة واستثمارات ضخمة، مع الحفاظ على هوية النادي ومصالح أعضائه.

وأوضح المسؤولون أن القانون الجديد سيرسي مبدأ الشفافية المالية والإدارية، ويضع قواعد واضحة لمحاسبة الشركات، ما يسهم في حماية موارد الأندية وحفظ حقوق اللاعبين والجماهير.

شروط تأسيس الشركات المساهمة للأندية

نصت التعديلات على أن الأندية الراغبة في تأسيس شركات كرة القدم يجب أن تلتزم بعدة ضوابط، أبرزها:

  • ألا تقل نسبة مساهمة النادي عن 51% من أسهم الشركة.
  • تسجيل الشركة وفقًا لقوانين سوق المال والرقابة المالية.
  • تقديم دراسة جدوى معتمدة تتضمن خطة التمويل والتشغيل.
  • الالتزام بمعايير المحاسبة والحوكمة.

وبموجب هذه الضوابط، لن يكون بمقدور أي مستثمر خارجي شراء الحصة الأكبر في الشركة دون موافقة الجمعية العمومية للنادي والجهات المختصة.

التعديلات وأثرها على الاستثمار الرياضي

Related Posts
1 of 7

يؤكد خبراء الاقتصاد الرياضي أن التعديلات ستعزز القدرة التنافسية للأندية المصرية في مواجهة الأندية الإقليمية التي تعتمد على نماذج الشركات المساهمة لجذب التمويل والرعاة. كما ستزيد من فرص تأسيس شراكات مع كيانات استثمارية خليجية وأوروبية مهتمة بسوق الكرة المصرية.

في المقابل، قد تواجه الأندية الأصغر تحديات في الالتزام بهذه المعايير المالية، وهو ما يفتح الباب أمام الوزارة لتقديم برامج دعم فني وإداري لمساعدتها على تأسيس شركاتها.

تأثيرات محتملة على المشهد الكروي المحلي

من المنتظر أن يكون لتلك التعديلات آثار بعيدة المدى على كرة القدم المصرية، أبرزها:

  • رفع معايير الاحترافية والحوكمة.
  • زيادة الموارد المالية للأندية.
  • تحفيز الأندية على تطوير منشآتها والتوسع في مشروعات الاستثمار الرياضي.
  • تقليل الاعتماد على التمويل الحكومي والدعم المباشر.
  • تعزيز فرص استقطاب المواهب الأجنبية والمحلية.

رأي النقاد الرياضيين والجماهير

رغم الترحيب العام بالتعديلات، أعرب بعض النقاد الرياضيين عن تخوفهم من تأثير دخول مستثمرين جدد على هوية الأندية وتاريخها. في المقابل، يرى آخرون أن هذا هو الحل الأمثل لمواكبة متطلبات التنافس القاري والعالمي.

أما جماهير الكرة المصرية، فقد أبدت اهتمامًا واسعًا بالموضوع، خاصة في ظل الضغوط المالية التي تعاني منها الأندية الكبرى، والتي جعلت بعض الفرق عاجزة عن تغطية التزاماتها المالية.

تجارب عربية سابقة في تنظيم شركات الأندية

العديد من الدول العربية سبقت مصر في تبني هذا النموذج، أبرزها:

  • السعودية: اعتمدت خصخصة الأندية الكبرى وإطلاق شركات رياضية ضمن رؤية 2030.
  • الإمارات: تأسست شركات لإدارة أندية الدوري الإماراتي منذ سنوات، مع التزام بضوابط ملكية الأسهم.
  • المغرب: طبقت سياسة مشابهة لتطوير الاحتراف والحوكمة.

تستفيد التجربة المصرية من تلك النماذج لضمان مواءمتها مع الخصوصية الثقافية والقانونية للأندية المصرية.

التعديلات واستدامة التمويل الرياضي

أحد أكبر تحديات الرياضة المصرية هو التمويل المستدام، إذ تعتمد الأندية منذ عقود على الدعم الحكومي والإعانات. ويؤمل أن تساهم هذه التعديلات في خلق مصادر تمويل ذاتية، من خلال:

  • بيع حقوق البث والرعاية بعقود طويلة الأجل.
  • تطوير منشآت رياضية وتجارية داخل مقرات الأندية.
  • تقديم خدمات عضوية متميزة.
  • زيادة القيمة السوقية للعلامة التجارية للأندية.

ختامًا: خطوة تنظيمية على طريق التحديث

تأتي التعديلات الجديدة لقانون الرياضة المصري كخطوة مفصلية ستعيد تشكيل المشهد الرياضي في البلاد. فهي ليست مجرد تنظيم قانوني، بل رؤية استراتيجية نحو بناء صناعة كرة قدم مستدامة، قوية، ومؤثرة.

من المؤكد أن الطريق ليس سهلاً، وأن التحديات ستظل حاضرة، لكن إقرار هذه التعديلات يعكس وعيًا رسميًا بأهمية تطوير الإدارة الرياضية على أسس احترافية تحمي الأندية وتمنحها القدرة على التنافس محليًا ودوليًا.

Comments
Loading...
ايتونز تمارا |  أضف موقعك |  أضف موقعك |  أضف موقعك