ارتفاع إيرادات السياحة في مصر إلى 12.5 مليار دولار خلال 9 أشهر
القاهرة – أعلن البنك المركزي المصري تحقيق قطاع السياحة المصري نموًا ملحوظًا في الإيرادات، لتصل إلى 12.5 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2024-2025، بنسبة زيادة بلغت 15.4% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. ويأتي هذا الارتفاع رغم التحديات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، في مؤشر على تعافي تدريجي للقطاع السياحي في مصر.
القطاع السياحي يتحدى الظروف الإقليمية
بحسب التقرير الرسمي الصادر عن البنك المركزي، فإن الطفرة التي شهدها قطاع السياحة تعود إلى التحسن النسبي في حركة السفر العالمية، وعودة السياحة الأوروبية والعربية إلى المقاصد المصرية، بدعم من الحملات الترويجية وتحسين البنية التحتية السياحية.
وتؤكد هذه الأرقام عودة الثقة تدريجيًا إلى الوجهات المصرية، خاصة المدن الساحلية مثل الغردقة وشرم الشيخ، إضافة إلى القاهرة الكبرى والأقصر وأسوان التي شهدت تزايدًا في حركة الوفود السياحية القادمة من الأسواق الأوروبية والآسيوية.
عجز الحساب الجاري ينكمش بنسبة 22.6%
في سياق آخر، كشف البنك المركزي عن تراجع عجز الحساب الجاري بنسبة 22.6% خلال الفترة من يوليو 2024 حتى مارس 2025، ليبلغ نحو 13.2 مليار دولار، مقارنةً بـ 17 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي 2023-2024. ويعكس هذا التراجع تحسنًا في أداء ميزان المدفوعات المصري، بدعم من عدة عوامل من أبرزها تعافي إيرادات السياحة وزيادة التحويلات النقدية من الخارج.

ميزان المدفوعات يسجل عجزًا كليًا
رغم التحسن في بعض المؤشرات، سجّل ميزان المدفوعات المصري عجزًا كليًا بلغ نحو 1.9 مليار دولار خلال الفترة ذاتها، مقارنةً بفائض كلي قدره 4.1 مليارات دولار في الفترة المقابلة من العام المالي السابق. ويعزى هذا التراجع إلى استمرار الضغوط على مصادر النقد الأجنبي، خصوصًا تراجع إيرادات قناة السويس بشكل حاد.
إقرأ أيضا: المغرب يسجّل 11.8 مليون ليلة مبيت سياحية خلال 5 أشهر
تراجع كبير في إيرادات قناة السويس
أشار التقرير إلى أن إيرادات قناة السويس انخفضت بنسبة كبيرة بلغت 54.1%، لتسجل 2.6 مليار دولار فقط، نتيجة التراجع الحاد في أعداد السفن العابرة بنسبة 44.8% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي. ويعود هذا التراجع إلى استمرار التوترات الجيوسياسية والأمنية في منطقة البحر الأحمر، والتي دفعت العديد من شركات الملاحة إلى تجنب المرور عبر القناة، ما شكّل ضربة قوية لمصدر رئيسي من مصادر الدخل القومي.
قفزة في تحويلات العاملين بالخارج
على الجانب الإيجابي، شهدت تحويلات العاملين المصريين في الخارج ارتفاعًا غير مسبوق بنسبة 82.7%، لتبلغ نحو 26.4 مليار دولار، مقابل 14.4 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق. وتُعد هذه التحويلات من أبرز مصادر النقد الأجنبي، وأسهمت بشكل مباشر في دعم العملة المحلية واستقرار الاحتياطي النقدي.
الاستثمار الأجنبي يسجل تدفقات إيجابية
وفي مؤشر آخر على تحسن مناخ الاستثمار، سجّل صافي الاستثمار الأجنبي المباشر تدفقات داخلية بلغت 9.8 مليارات دولار خلال الأشهر التسعة، مدعومة بصفقات استثمارية نوعية في قطاعات الطاقة، والصناعة، والبنية التحتية، والخدمات المالية. ويعكس هذا الرقم الجاذبية المتزايدة للاقتصاد المصري رغم الظروف العالمية الصعبة.
السياحة المصرية… رهان مستقبلي واعد
تُعد السياحة أحد أبرز مصادر الدخل القومي لمصر، ومن المؤشرات الرئيسية لصحة الاقتصاد. وتؤكد المؤشرات الصادرة عن البنك المركزي، أن هذا القطاع في طريقه نحو التعافي، وسط جهود حكومية مكثفة للترويج للمنتج السياحي المصري عالميًا، وتسهيل التأشيرات الإلكترونية، وتحديث المنشآت الفندقية.
كما تسعى مصر لزيادة عدد السياح إلى أكثر من 15 مليون سائح سنويًا خلال الأعوام المقبلة، بدعم من الخطط الطموحة التي تشمل فتح وجهات جديدة، واستضافة فعاليات دولية، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للزائرين.
ختامًا: مؤشرات متباينة وأفق محفوف بالتحديات
تُظهر بيانات البنك المركزي أن الاقتصاد المصري يسير في طريق مزدوج: نجاحات في قطاعات مثل السياحة والتحويلات والاستثمار، يقابلها تحديات حادة في مصادر النقد الأجنبي مثل قناة السويس. وبين هذا وذاك، تبرز أهمية استمرار الإصلاحات الاقتصادية، وتعزيز مناخ الأعمال، وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني لجذب رؤوس الأموال والسياح على حد سواء.
ويبقى الأمل معقودًا على أن تساهم هذه المؤشرات الإيجابية في استعادة التوازن الكامل لميزان المدفوعات، وتحقيق معدلات نمو مستدامة تدعم تطلعات المصريين نحو مستقبل اقتصادي أكثر ازدهارًا.