في جنوب اليابان، وتحديدًا في محافظة مياجي، تقع واحدة من أغرب الجزر في العالم، وهي جزيرة تاشيروجيما المعروفة شعبيًا باسم “جزيرة القطط“. في هذا المكان الفريد، لا يُعد البشر هم الغالبية، بل تحكم القطط شوارع وأزقة الجزيرة بأعداد تفوق أعداد السكان، ما جعلها قبلة لعشاق هذه الكائنات اللطيفة من شتى أنحاء العالم.
قطط مدللة وحياة غير اعتيادية
تحظى القطط في تاشيروجيما بحياة مرفهة وفريدة، حيث يُولي السكان المحليون اهتمامًا بالغًا برعايتها، ويعتبرون وجودها مصدرًا للرزق والبركة. وقد أصبحت العلاقة بين الإنسان والقط في الجزيرة مثالًا على الانسجام والاحترام المتبادل.
من مكافحة الفئران إلى صيد الأسماك.. كيف بدأت القصة؟
تعود جذور وجود القطط في الجزيرة إلى عصر إيدو (1600 – 1868)، حين جُلبت قرابة 200 قطة برية لمكافحة الفئران التي كانت تُهدد ديدان القز المستخدمة في صناعة الحرير. ومع مرور الوقت، أصبح الصيد هو النشاط الاقتصادي الرئيسي للسكان، مما وفر بيئة غنية للقطط بفضل وفرة الأسماك، وساهم في ازدهار أعدادها.
رعاية منظمة.. وقواعد للزوار
القطط في تاشيروجيما لا تُترك للصدفة، بل تُدار حياتها اليومية بعناية من خلال محطات تغذية مخصصة موزعة في أرجاء الجزيرة. ويُنصح الزوار بعدم إطعام القطط طعامًا غير مخصص لها، تجنبًا لأي ضرر غذائي. هذا الإجراء يتم بالتعاون مع منظمات ومجتمعات محلية تسعى للحفاظ على التوازن البيئي في الجزيرة، بحسب تقارير من مواقع مثل The Guardian وIndia Times.
إقرأ أيضا: نظرة داخل أغلى مصيف في الساحل الشمالي سعر الليلة يتجاوز المليون جنيه.
انخفاض عدد السكان.. وصعود مملكة القطط
رغم حياة القطط المزدهرة، تواجه تاشيروجيما أزمة ديموغرافية متفاقمة. فبعد أن بلغ عدد سكان الجزيرة حوالي 900 نسمة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بدأ العدد في التراجع تدريجيًا مع هجرة كبار السن إلى البر الرئيسي، تاركين وراءهم منازلهم وقططهم.
وفي عام 2017، لم يتبق سوى 13 ساكنًا فقط، أما اليوم، فقد انخفض العدد إلى أربعة أشخاص فقط، يعيشون في تناغم شبه أسطوري مع مئات القطط التي تُسيطر على أرجاء الجزيرة.
ضريح مقدّس ووجهة سياحية لعشاق القطط
تضم الجزيرة معلمًا مميزًا يُعرف بـضريح ميوري، وقد بُني تكريمًا لقطة لقيت حتفها عن طريق الخطأ بعد سقوط الصخور عليها، في مشهد يدل على مدى تقدير سكان الجزيرة للقطط.
ورغم بساطة الحياة في تاشيروجيما وغياب الفنادق الفاخرة أو المقاهي العالمية، إلا أن الزائرين يمكنهم الاستمتاع بإقامات متواضعة وتجربة لا تُنسى بين عشرات القطط التي تتجول بحرية دون خوف أو قيد. فهي جزيرة تعيش فيها القطط ككائنات مقدسة، وتمنح زائريها تجربة سياحية مختلفة، بعيدة عن صخب المدن وضجيج الحياة.
رحلة إلى عالم القطط.. هل تجرؤ على زيارتها؟
إن كنت من محبي الحيوانات، أو تبحث عن تجربة سياحية خارج الإطار التقليدي، فقد تكون جزيرة القطط وجهتك المثالية القادمة. فهي لا تقدم فقط مناظر طبيعية هادئة، بل تفتح نافذة فريدة على ثقافة يابانية تحترم الحياة في كل أشكالها، حتى وإن كانت مكسوة بالفرو وتصدر مواء خفيفًا في الأفق.