أمريكا تفشل حيث نجحت قطر: حرارة مفرطة في مونديال الأندية ومخاوف على كأس العالم 2026
“أشعر بألم حتى في أظافر قدمي من شدة الحرارة، لم أكن أستطيع الوقوف من الإرهاق” — بهذه الكلمات اختصر ماركوس يورينتي، نجم أتلتيكو مدريد، معاناة اللاعبين خلال مشاركتهم في بطولة كأس العالم للأندية 2025 المقامة حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية.
حرارة خانقة تشعل غضب اللاعبين والجماهير
لم تكن تصريحات يورينتي حالة فردية؛ بل انضمت إليها شكاوى متكررة من لاعبين آخرين ومدربين وحتى جماهير، عبروا جميعاً عن سخطهم من الأجواء المناخية الحارّة، التي أجبرت الفرق على خوض المباريات في ظروف شديدة القسوة.
وقد تم إيقاف المباريات عدة مرات لشرب المياه والعصائر، كما سقط عدد من اللاعبين نتيجة الإرهاق الحراري. بل إن مباراة صن داونز ضد أولسان التي كانت مقررة يوم 18 يونيو، تأجلت لمدة ساعة كاملة بسبب تحذيرات من قدوم عاصفة جوية، مما أثار تساؤلات حول مدى جاهزية أمريكا لاستضافة بطولات بهذا الحجم.
لماذا لم تستفد أمريكا من تجربة قطر 2022؟

تسببت هذه الظروف في حالة من التشاؤم بين وسائل الإعلام والجماهير، الذين أعربوا عن قلقهم من تكرار هذا المشهد خلال كأس العالم للمنتخبات 2026، الذي ستنظمه أمريكا بالشراكة مع كندا والمكسيك.
وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا لم تستفد الولايات المتحدة من تجربة قطر الناجحة؟
قطر.. دولة صحراوية خططت وتفوقت
بالعودة إلى مونديال قطر 2022، نلاحظ أن الدولة الخليجية، رغم مناخها الصحراوي القاسي ودرجات الحرارة التي تصل في الصيف إلى 50 درجة مئوية، نجحت في تنظيم نسخة استثنائية من كأس العالم بعد أن عدّلت موعد البطولة لأول مرة في التاريخ، لتُقام في فصل الشتاء (من نوفمبر حتى ديسمبر)، حيث تتراوح درجات الحرارة بين 20 و30 درجة.
حلول هندسية وتكنولوجية عبقرية
لم تكتفِ قطر بتعديل موعد البطولة فقط، بل قامت بإنشاء أنظمة تبريد متطورة داخل الملاعب، تُخفض درجات الحرارة إلى ما بين 21 و24 درجة مئوية. تم توزيع الهواء المكيف مباشرة إلى المدرجات وأرضية الملعب، باستخدام طاقة شمسية صديقة للبيئة. ومن أشهر الملاعب المجهزة بهذه التقنية: استاد الجنوب، استاد البيت، واستاد لوسيل.
كما صُممت الملاعب بطريقة ذكية تسمح بتقليل دخول أشعة الشمس المباشرة، مع استخدام مواد بناء عاكسة للحرارة ومظلات ضخمة، ما ساهم في تحسين توزيع الهواء وتقليل الإجهاد الحراري.
البنية التحتية خارج الملاعب
شملت استعدادات قطر أيضًا محيط الملاعب والمناطق العامة، حيث زُرعت الأشجار، وركّبت أنظمة ضباب مائي، ومراوح ضخمة، ومظلات صناعية لتوفير الظل وتقليل الحرارة.
ولم تغفل قطر عن وسائل النقل الذكية، إذ أنشأت شبكة مترو حديثة ومكيفة بالكامل لتسهيل تنقل الجماهير بين الملاعب، وتقليل الحاجة إلى السير في الأجواء الحارة.
دروس من قطر.. وتحديات تنتظر أمريكا
قطر لم تترك شيئاً للصدفة، بل اعتمدت على التخطيط العلمي والهندسي الدقيق، وسخّرت مواردها وإمكانياتها لضمان راحة اللاعبين والجماهير، لتخرج البطولة كأحد أفضل النسخ تنظيمًا في تاريخ كأس العالم.
في المقابل، يبدو أن الولايات المتحدة لم تأخذ هذه التجربة على محمل الجد، فظهرت ثغرات واضحة في تنظيم كأس العالم للأندية، خاصة فيما يتعلق بتجاهل الظروف المناخية، رغم علمها المسبق بطبيعة الطقس في الصيف الأمريكي.
هل تتدارك أمريكا الموقف قبل كأس العالم 2026؟
رغم ما تملكه الولايات المتحدة من إمكانات مالية وتقنية هائلة، إلا أن التنظيم السيئ لمونديال الأندية يضع علامات استفهام كبيرة حول مدى جاهزيتها لاستضافة بطولة عالمية بمستوى كأس العالم للمنتخبات.
فهل تتعلم أمريكا من التجربة القطرية وتعيد النظر في طريقة تنظيمها لكأس العالم 2026؟ أم أنها ستواجه الفشل في ما تفوقت فيه دولة عربية صغيرة تفكر بعقلية عالمية؟