ماستدون Mastodon الشبكة الاجتماعية اللامركزية التي تتحدى عمالقة التواصل

0 3

في ظل تزايد الجدل حول سياسات الخصوصية والرقابة على المحتوى، برزت منصة ماستدون (Mastodon) كأحد أهم البدائل المفتوحة لمواقع التواصل الاجتماعي التقليدية. هذا المشروع مفتوح المصدر نجح في جذب ملايين المستخدمين حول العالم، وفرض نفسه كخيار رئيسي لكل من يبحث عن فضاء حر يتيح التواصل دون سيطرة مركزية.

في هذا المقال، نستعرض أبرز مميزات ماستدون، طريقة عمله، وتاريخه، وأسباب تصاعد شعبيته.

ما هو ماستدون؟

ماستدون هو شبكة اجتماعية لامركزية، تعتمد على نموذج السيرفرات المستقلة (المعروفة باسم “المثيلات” أو Instances) التي تديرها جهات متنوعة. أُطلقت المنصة عام 2016 على يد المبرمج الألماني يوجين روكوكو (Eugen Rochko)، وكانت تستلهم تصميم تويتر من حيث الفكرة الأساسية للنشر السريع والرسائل القصيرة، لكنها جاءت بفلسفة مختلفة تقوم على مبدأ الفدرالية (Federation).

ما معنى أن المنصة لامركزية وفدرالية؟

على عكس تويتر أو فيسبوك، التي تُدار من شركة واحدة تتحكم بكل البيانات والسياسات، يقوم ماستدون على فكرة توزيع السلطة والمسؤولية:

  • يمكن لأي جهة أو فرد تشغيل مثيلة مستقلة على خوادمهم.
  • كل مثيلة لها قواعدها وسياساتها المجتمعية الخاصة.
  • رغم الاستقلال، تستطيع المثيلات التواصل فيما بينها، في ما يُعرف باسم Fediverse (الكون الفدرالي)، وهو شبكة من الخدمات المتوافقة التي يمكن للمستخدمين التفاعل عبرها.

هذه البنية تجعل ماستدون أقرب إلى البريد الإلكتروني من الشبكات الاجتماعية التقليدية: يمكنك اختيار “مزود الخدمة” الذي تفضله، ومع ذلك تستطيع مراسلة أي مستخدم على أي مثيلة أخرى.

كيف يعمل ماستدون؟

منصة ماستدون (Mastodon)

يمكنك التسجيل على أي مثيلة (مثل mastodon.social أو mastodon.online)، وإنشاء حسابك، ثم تبدأ بالتفاعل:

  • نشر التحديثات القصيرة التي تعرف باسم Toots بدلاً من تغريدات.
  • متابعة مستخدمين من نفس المثيلة أو من مثيلات أخرى.
  • التفاعل عبر الردود، إعادة النشر، والإعجاب.
  • استخدام الوسوم (الهاشتاغ) للوصول إلى المواضيع الرائجة.

كل مثيلة تدير سياساتها الخاصة، مثل قواعد السلوك، وحجم المنشور (عادة حتى 500 حرف)، ومستوى الإشراف على المحتوى.

لماذا يختار البعض ماستدون؟

ازدهر ماستدون بشكل خاص في السنوات الأخيرة، لعدة أسباب:

  • رفض المركزية: بعد الأزمات التي مرت بها تويتر، خصوصًا عقب استحواذ إيلون ماسك، لجأ الكثيرون لماستدون كبديل يمنحهم حرية أكبر.
  • الخصوصية: المنصة تمنح المستخدمين تحكمًا أفضل في بياناتهم وهويتهم.
  • عدم الاعتماد على الإعلانات: معظم المثيلات تمول نفسها عبر التبرعات أو العضويات المدفوعة، ما يقلل من الحاجة لجمع البيانات من أجل الإعلانات.
  • تنوع المجتمعات: بفضل نظام المثيلات، يمكنك اختيار مجتمع يتوافق مع اهتماماتك وقيمك.

التحديات التي تواجه المنصة

رغم مزاياها الكبيرة، يواجه ماستدون عدة تحديات:

  • تعقيد البداية: على المستخدم الجديد أن يختار مثيلة ويعرف الفروقات بينها، ما قد يكون مربكًا.
  • غياب بعض الوظائف: لا يزال ماستدون يفتقر لبعض ميزات تويتر الحديثة، مثل خوارزميات التوصية المتقدمة.
  • إدارة المحتوى: رغم مزايا اللامركزية، إلا أن ذلك قد يسهل انتشار المضايقات في بعض المثيلات.

ما هو الفديفيرس (Fediverse)؟

يمثل Fediverse شبكة مترابطة من المنصات التي تتبنى بروتوكول ActivityPub المفتوح، ما يتيح التفاعل بينها.
يمكن لمستخدمي ماستدون متابعة حسابات على منصات أخرى مثل:

  • PeerTube: لمشاركة الفيديو.
  • Pixelfed: لمشاركة الصور.
  • Pleroma: شبكة اجتماعية مشابهة.

هذا التوافق يجعل ماستدون جزءًا من منظومة أوسع من الخدمات اللامركزية.

كيف أسجل حسابًا على ماستدون؟

  1. اختر مثيلة من قائمة المثيلات المتاحة (يمكنك زيارة joinmastodon.org).
  2. أنشئ حسابًا جديدًا وحدد اسم المستخدم.
  3. يمكنك تخصيص الملف الشخصي وبدء النشر والمتابعة.
  4. إذا أحببت، يمكنك لاحقًا نقل حسابك إلى مثيلة أخرى دون خسارة المتابعين.

المستقبل والطموحات

مع تصاعد اهتمام الأفراد والمؤسسات بالخدمات اللامركزية، تزداد شعبية ماستدون، خصوصًا بين الصحفيين، الأكاديميين، والمجتمعات التقنية.
يعمل فريق التطوير باستمرار على تحسين تجربة الاستخدام وتبسيط الواجهة لجذب جمهور أوسع.

يرى المراقبون أن ماستدون قد يصبح حجر أساس في حقبة جديدة من الإنترنت تركز على التوزيع والشفافية، وتحد من احتكار عمالقة التكنولوجيا.

خلاصة

سواء كنت مهتمًا ببدائل التواصل الاجتماعي التقليدية أو تبحث عن فضاء رقمي مستقل وخالٍ من الإعلانات والتتبع، يشكل ماستدون خيارًا واعدًا.
إنه مشروع يذكرنا بأن الإنترنت يمكن أن يكون أكثر حرية وتنوعًا حين يُدار بروح المجتمع والتعاون بدلاً من مركزية الشركات.

Comments
Loading...