حرب العقول تشتعل.. “ميتا” تُجرد آبل من نخبتها الاستراتيجية في الذكاء الاصطناعي

0 4

في مشهد يعكس احتدام المنافسة بين عمالقة التكنولوجيا، أقدمت شركة ميتا بلاتفورمز (المالكة لفيسبوك وإنستجرام وواتساب) على استقطاب اثنين من كبار مهندسي الذكاء الاصطناعي في شركة آبل، وذلك بعد فترة قصيرة من استحواذها على رئيسهما السابق مقابل حزمة تعويضات تجاوزت 200 مليون دولار. وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية هجومية تنتهجها ميتا لتكوين جيش تقني خارق يدعم طموحاتها في ريادة سباق الذكاء الاصطناعي التوليدي.

استنزاف نخبة آبل: ميتا تتحرك بثقة

بحسب تقرير حديث من وكالة بلومبرج، فقد انضم كل من المهندسين مارك لي وتوم غونتر إلى مختبرات الذكاء الاصطناعي الفائق لدى ميتا، بعد أن عملا ضمن فريق AFM التابع لآبل، وهو الفريق المسؤول عن تطوير النماذج اللغوية والمؤسسة لمنظومة Apple Intelligence. وكانت ميتا قد نجحت قبل أسابيع في ضم رومينغ بانغ، قائد هذا الفريق، بعرض مالي غير مسبوق، مما شكّل ضربة مزدوجة لصانعة الآيفون.

فريق AFM.. العمود الفقري لذكاء آبل الاصطناعي

فريق AFM يُعد من أكثر الوحدات حساسية في آبل، إذ يضم نحو 100 مهندس ويقود مشاريع الذكاء الاصطناعي التوليدي التي ستشكل مستقبل منتجات الشركة. إلا أن هذا الفريق بات عرضة لهزات متكررة، بفعل الإغراءات المتزايدة من شركات منافسة مثل ميتا، التي تعرض رواتب وحوافز تفوق ما يمكن لآبل تقديمه.

مختبرات ميتا الفائقة.. صناعة ذكاء يتجاوز البشر

تعمل ميتا على بناء وحدة ذكاء اصطناعي متقدمة تُعرف بـمختبرات الذكاء الاصطناعي الفائق، ومهمتها تطوير نماذج تتجاوز الذكاء البشري في قدراتها على التحليل والتعلّم. وقد خصصت ميتا لهذا الفريق ميزانيات ضخمة ومكاتب قريبة من مارك زوكربيرغ شخصياً، في مقر الشركة بكاليفورنيا، لتسريع الابتكار وضمان تواصل مباشر بين القيادة العليا والمهندسين.

استثمارات بمئات المليارات.. زوكربيرغ يراهن على المستقبل

كشف الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج في منشور على منصة Threads، أن شركته تستعد لضخ استثمارات بمئات المليارات من الدولارات في البنية التحتية الحاسوبية، لدعم مشاريع الذكاء الاصطناعي المتقدم، وهي خطوة تؤكد جدية الشركة في التحول إلى لاعب رئيسي في هذا المجال.

آبل في مأزق.. تأجيل وارتباك استراتيجي

في المقابل، تعاني آبل من ارتباك داخلي منذ عام 2024، حيث فشلت حتى الآن في بلورة رؤية واضحة لمنافسة النماذج المتقدمة من أمثال GPT وClaude. وقد تردد قادتها كثيراً بين تطوير نموذج خاص داخلياً أو التعاون مع شركات خارجية، ما أدى إلى تأجيل عدة مشاريع استراتيجية، أبرزها تحديثات “سيري”، التي أُعلن أنها ستتأجل حتى 2026.

Related Posts
1 of 4

أزمات تمويل وثقافة مغلقة تعيق الابتكار في آبل

بحسب تقارير، فإن تخفيض النفقات الذي اعتمدته آبل عام 2023 ألحق ضرراً كبيراً بوحدات الذكاء الاصطناعي لديها، حيث تم تقليص الاستثمار في البنية التحتية الحوسبية، وهو ما أضعف قدرتها على مواكبة المنافسة. كما تعاني الشركة من بيروقراطية داخلية وثقافة مؤسسية صارمة، تحد من حرية المهندسين، ما يجعل بيئة العمل أقل مرونة مقارنة بشركات مثل ميتا وأوبن إيه آي.

لماذا تستهدف ميتا نخبة آبل؟

يقول المحلل المتخصص في الذكاء الاصطناعي ألان القارح إن ميتا تستهدف الكفاءات الموجودة في آبل لأنها ترى فيها مورداً نادراً واستراتيجياً. ويضيف أن ميتا توفّر لمهندسيها بيئة ديناميكية ورواتب مرتفعة، مقابل بيئة محافظة ومحدودة في آبل. “الميزة التنافسية اليوم تكمن في سرعة التعلم واختبار النماذج، وليس في اسم العلامة التجارية فقط”، يضيف القارح.

البُعد المالي.. عقبة في وجه آبل

يشير القارح إلى أن سياسة “البخل المالي” التي اعتمدتها آبل طيلة سنوات قد تصبح سيفاً ذا حدّين، خاصة في ظل حرب العقول الحالية. فبينما تعرض ميتا حوافز تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، لا تزال آبل متمسكة بتحقيق أرباح فورية ورفض ضخ أموال كبيرة في مواردها البشرية. ويضيف: “لا يمكن الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي بميزانيات منخفضة وقيود داخلية مشددة.”

تحذير من تآكل تفوق آبل التاريخي

من جهته، يرى المحلل التقني جوزيف زغبي أن ما يحدث ليس مجرد انتقالات فردية، بل مؤشر على بداية تآكل تفوّق آبل، ويضيف: “إذا لم تغيّر آبل استراتيجيتها تجاه الابتكار والمرونة، فإنها ستفقد المزيد من الكفاءات ولن تستطيع مجاراة الوتيرة السريعة لمنافسيها.”

هل تشتري ميتا فرصة التفوق؟

يشير زغبي إلى أن ميتا لا تضمن الفوز تلقائياً باستقطابها لأفضل العقول، ولكنها على الأقل تشتري فرصة حقيقية للهيمنة، بينما تتراجع آبل إلى موقع دفاعي. “السباق لم يُحسم بعد، لكنه بات يميل لمصلحة ميتا التي تراهن على الموارد والعقول والسرعة، وكلها عناصر حاسمة في هذا العصر الجديد من الذكاء الاصطناعي.”

خلاصة: نقطة تحول في سباق الذكاء الاصطناعي

ما يجري اليوم بين ميتا وآبل ليس مجرد منافسة تجارية، بل هو صراع على المستقبل التكنولوجي، حيث أصبحت العقول البشرية أندر من الذهب. وفي هذا السياق، يظهر أن الشركات الأسرع، والأكثر مرونة واستثمارًا في الموارد، ستكون هي من تحدد شكل المستقبل.

Comments
Loading...
ايتونز تمارا |  شدات ببحي اقساط |  أضف موقعك |  أضف موقعك